أفادت دراسة حديثة بأنّ استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّة، مثل بطاقات الائتمان والمحافظ الرقميّة، قد يزيد من النفقات مقارنةً بالدفع النقديّ. في الولايات المتحدة عام 2022، استخدم 13% فقط من المستهلكين النقود الملموسة لمشترياتهم، ولم تتجاوز نسبة المعاملات النقديّة في المتاجر التقليديّة 25%. هذا التوجّه نحو الدفع الإلكترونيّ يثير قلق الباحثين وصنّاع القرار، نظراً لإمكانيّة دفع المستهلكين إلى إنفاق مبالغ تفوق قدراتهم الماليّة، مما قد يؤدي إلى تراكم الديون.
تُظهر الدراسات أنّ استخدام وسائل الدفع الإلكترونيّة مرتبط بزيادة المصروفات والاستعداد للدفع، وهو ما يُعرف بـ"تأثير الدفع غير النقديّ" (cashless effect). تقلّل هذه الوسائل من "ألم الدفع" المرتبط بالدفع النقديّ الملموس، حيث يُشعر المستهلك بقيمة المال المدفوع عند استخدام النقود.
في تحليل تلوي شمل بيانات من 71 دراسة نُشرت على مدى أربعة عقود، وضمّ أكثر من 10,000 مشارك من 17 دولة، تبيّن أنّ تأثير وسيلة الدفع على حجم المصروفات كان ضئيلاً لكنه ذو دلالة إحصائيّة. وجد الباحثون أنّ طرق الدفع غير الملموسة، مثل Apple Pay أو Google Pay، تزيد من تأثير الدفع غير النقديّ، خاصةً عند تأجيل موعد الدفع كما هو الحال مع بطاقات الائتمان.
يتعاظم هذا التأثير عند شراء منتجات أو خدمات مرتبطة بالمكانة الاجتماعيّة والاقتصاديّة العالية، مثل السيارات الفاخرة أو تناول الطعام في مطاعم راقية. ومع ذلك، لم يجد الباحثون تأثيراً للدفع الإلكترونيّ على زيادة الإكراميّات أو التبرّعات. كما لاحظوا أنّ تأثير الدفع غير النقديّ يتلاشى مع مرور الوقت، ربما بسبب تزايد الاعتياد على هذه الوسائل.
تُشير هذه النتائج إلى ضرورة توخّي الحذر عند التحوّل إلى مجتمع يعتمد بشكل كبير على الدفع الإلكترونيّ، حيث قد يؤدي ذلك إلى زيادة المصروفات بشكل لا يتناسب مع الموارد الماليّة للمستهلكين. يوصي الباحثون بأن يكون الدفع النقديّ هو الأسلوب السائد للمعاملات الماليّة، للمساعدة في التحكم في النفقات وتجنّب الإنفاق الزائد.