يقول المؤرخ الأغريقي اليوناني هيرودوت الذي عاش في فترة 400 سنة ما قبل الميلاد "مصر هبة النيل" فلولا وجود نهر النيل لكانت مصر صحراء، لكن وجود هذا النهر خلق الحياة، وجعل الناس تستقر على طرفي النهر.
أصل تسمية نهر النيل
تعود تسمية نهر النيل بهذا الاسم إلى الكلمة اليونانية نيلوس (Neilos)، ومنها انتقل إلى بقية اللغات، هناك من يقول أن أصل الكلمة يعود إلى الكلمة السامية (نهل) أو (نخل) بمعنى جري أو مجرى.
لكن المؤرخ اليوناني تيودور الصقلي الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد يقول: "إن النهر كان يدعى أيجبيتوس، ثم أطلق عليه نهر النيل تخليداً لذكرى ملك يدعى نيلوس اعتلى العرش في مصر بعد الملك ريمفيس، حيث قام بحفر الترع والقنوات التي أفادت مصر كثيراً فأُطلق اسمه على هذا النهر".
الدول الواقعة على ضفتي نهر النيل
يمر نهر النيل بـ 11 دولة أفريقية يطلق عليها اسم (حوض النيل)، هذه الدول هي: (أوغندا، تنزانيا، كينيا، إثيوبيا، تنزانيا، رواندا، بوروندي، جنوب السودان، السودان، مصر).
يقع نهر النيل في قارة أفريقيا
يعد نهر النيل أطول أنهار العالم، بإجمالي طول 6,695 كم، ويغطي حوض النيل مساحة 3.4 مليون كم²، ويقع في الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا.
يتكون نهر النيل من اتحاد نهرين هما النيل الأبيض والنيل الأزرق، يجتمعان في العاصمة السودانية الخرطوم في مجرى واحد مشكلان نهر النيل:
1- النيل الأبيض (White Nile):
ينبع من بحيرة فيكتوريا (تقع هذه البحيرة على حدود كل من أوغندا، تنزانيا، كينيا، وهذه البحيرة هي جزء من البحيرات العظمى في أفريقيا، وتُعد ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم).
يُسمى في بدايته نهر روفيرونزا (Ruvyironza) في بوروندي. ثم يسمى نهر كاجيرا (Kagera) حيث يقطع مسافة قدرها 690 كيلو متر قبل دخوله بحيرة فيكتوريا.
بعد أن يغادر هذا النهر بحيرة فيكتوريا يصبح اسمه نيل فيكتوريا (Victoria Nile)، ويستمر بمساره لمسافة 500 كيلو متر مروراً ببحيرة كيوجا (Lake Kyoga) حتى يصل إلى بحيرة ألبرت (Lake Albert)، بعد مغادرة بحيرة ألبرت يصبح اسمه نيل ألبرت (Albert Nile)، ثم يصل النيل إلى السودان فيُعرف بعدها باسم نيل الجبل، وعند اتصاله ببحر الغزال يصبح اسمه النيل الأبيض الذي يمتد لمسافة 720 كيلو متراً حتى يصل العاصمة السودانية الخرطوم.
2- النيل الأزرق (Blue Nile):
يُشكل نسبة 80-85% من مياه نهرالنيل بعد اتحاده بالنيل الأبيض، والنسبة الباقية 15-20% من النيل الأبيض، ولكن هذه النسبة الكبرى من مياه النيل الأزرق تصل إليه في الصيف فقط بعد الأمطار الموسمية على هضبة إثيوبيا، بينما في بقية أيام السنة فتكون مياهه ضعيفة والنسبة مختلفة.
ينبع هذا النهر من بحيرة تانا (Lake Tana) (الواقعة في مرتفعات إثيوبيا شرق القارة)، ويكون اسمه نهر أبباي (Abbay) يقطع مسافة في أثيوبيا قدرها 1400 كيلو متر، بينما يطلق عليه اسم النيل الأزرق عندما يمر في السودان، وعندما يصل إلى العاصمة السودانية الخرطوم يلتقي بالنيل الأبيض مشكلان مع بعضهما نهر النيل.
نهر عطبرة رافد نهر النيل
نهر عطبرة، بعد التقاء نهري النيل الأبيض بالنيل الأزرق مشكلان نهر النيل، ينضم إلى النهر على بعد 300 كيلو متر من العاصمة السودانية الخرطوم نهر عطبرة، الذي ينبع من إثيوبيا شمال بحيرة تانا، يبلغ طوله حوالي 800 كيلومتر، يتدفق الماء في هذا النهر فقط عند هطول الأمطار في إثيوبيا ويجف بسرعة كبيرة خلال الفترة الجافة من شهر كانون الثاني/ يناير إلى شهر حزيران/ يونيو.
عمر النيل نحو 30 مليون سنة
كان مسار النيل الثابت غير المتغير على مرّ الدهور، مسار لغز كبير أمام علماء الجيولوجيا، نظرا لأنّ الأنهار طويلة الأعمار عادةٍ ما تتغير مساراتها مع مرور الوقت.
وحاول الباحثون من جامعة تكساس فرع أوستن، سبر غور المسألة من خلال ربط تدفق نهر النيل بحركة الصخور في أعمق أخاديد الأرض.
وفي معرض أبحاثهم، عثر العلماء على النهر الأبدي الذي هو أقدم تاريخاً بكثير مما أدركه أي شخص على قيد الحياة، مع تقديرات العلماء التي تقول إنّ عمر نهر النيل يبلغ نحو 30 مليون عام،أي نحو ستة أضعاف العمر الذي كان معتقداً من قبل.
وخلص البحث، المنشور في مجلة «نيتشر جيوساينس - العلوم الجيولوجية الطبيعية»، إلى أنّه إذا لم تكن حركة الأخاديد العميقة هي التي تحافظ على ثبات مسار نهر النيل، لكان مسار النهر قد تحول إلى الغرب منذ فترة طويلة، وربما غيّر مجرى التاريخ معه سواء بسواء.
نهر النيل في السودان
يتميز نهر النيل بعد اتحاده، بما يلي:
- وجود ستة سدود عليه، (من سد السادس في سابا لوكا (شمال الخرطوم) حتى سد أسوان في مصر).
- تغيير مسار نهر النيل، ينحني مسار نهر النيل في اتجاه جنوبي غربي، قبل أن يرجع لمساره الأصلي شمالاً حتى مصبه في البحر الأبيض المتوسط، ويطلق على هذا الجزء المنحني اسم (الانحناء العظيم للنيل) (Great Bend of the Nile).
نهر النيل في مصر
بعد عودة نهر النيل إلى مساره الأصلي يعبر الحدود السودانية المصرية، ويستمر في مساره داخل مصر بطول يصل إلى 270 كيلو متراً حتى يصل إلى بحيرة ناصر (Lake Nasser)، وهي بحيرة صناعية تقع خلف السد العالي بدءاً من عام 1998 انفصلت بعض أجزاء البحيرة غرباً في الصحراء الغربية لتشكل بحيرات توشكي (Toshka Lakes).
من بحيرة ناصر يتجه نهر النيل نحو الشمال حتى يصل إلى مدينة أسيوط حيث ينفصل جزء من النهر مكوناً بحر يوسف (YussefBahr) الذي يصل إلى الفيوم، ويصل نهر النيل إلى أقصى الشمال المصري ليتفرع إلى قسمين: فرع دمياط شرقاً وفرع رشيد غرباً، يحصران فيما بينهما دلتا النيل (Nile Delta)، يصب النيل عبر هذين الفرعين في البحر الأبيض المتوسط.
فيضان نهر النيل
يفيض نهر النيل في الصيف عندما تكون الأرض خالية من الزرع محتاجة للماء فيرويها ويجدد خصوبتها، ثم ينحسر في وقت الزراعة فيقوم المزارعون ببذر البذور وزراعة الأرض، وللاستفادة من مياه النيل قام المصريون بشق الترع وحفر القنوات كي تصل المياه إلى أكبر مساحة ممكنة من الأراضي.
المصريون القدماء يعتمدون في تقويمهم على نهر النيل
اعتمد المصريون القدماء في التقويم على نهر النيل قبل الاعتماد على التقويم الشمسي، حيث لاحظ المصريون أن يوم قدوم الفيضان يبدأ مع ظهور نجم الشعرى اليمانية ويصادف في 19 من شهر تموز/ يوليو، فاعتبر أول يوم في أول شهر في أول فصل من فصول السنة وهو فصل (آخت).
كما اعتبر رأس السنة، حيث حسب الفلكيون المصريون الفترة الفاصلة بين الفيضان والفيضان فوجدوها 365 يوماً، وتتضمن 12 شهراً قمرياً، مدة كل شهر فيه 30 يوماً، مع كسور لا تتجاوز نصف شهر، فقسموا السنة إلى ثلاثة فصول حسب ما ورد في كتاب (تاريخ مصر القديم الجزء الأول) للكاتب رمضان عبده علي، وهي:
الفصل الأول:
فصل آخت (فصل الفيضان)، يبدأ من منتصف شهر تموز/ يوليو حتى منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، يتم فيه بذر البذور، يضم هذا الفصل أربعة شهور أسماؤها في القبطية (تحوت، باؤفي، أتحير أو حتحور، كحوياك (كهيك)).
الفصل الثاني:
فصل برت (فصل خروج النبت من الأرض -نمو الزرع)، يوازي فصل الشتاء، يبدأ من منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر حتى منتصف شهر آذار/ مارس، يبدأ في هذا الفصل طلوع الزرع من الأرض، يضم هذا الفصل أربعة شهور هي: (طيبي، مخير، فمنوث، فرموتي).
الفصل الثالث:
فصل شمو (فصل التحاريق) أو (جني المحاصيل)، يوازي فصل الصيف، يبدأ من منتصف شهر آذار/ مارس حتى منتصف شهر تموز/ يوليو، يتم فيه نضج النبات وحصاده، وتصاب فيه الأرض بالجفاف، يضم هذا الفصل أربعة أشهر هي: (باخونس، بيني، إبيفي، مسوري).
أبرز السدود المقامة على نهر النيل
1- سد أسوان:
تم بناء السد الأول في أسوان بين عامي 1899 و 1902، توسع السد مرتين في الفترة ما بين عامي 1908 و 1911 ومرة أخرى بين عامي 1929 و 1934، مما رفع مستوى المياه وزاد قدرة السد، والسد مجهز بمحطة كهرومائية ذات طاقة تركيبية تزيد عن 345 ميغاواط.
2- سد أسوان العالي:
بدأ العمل به في عام 1959 وأنجز في عام 1970، وتم افتتاحه في عام 1971، بتكلفة مليار دولار أمريكي، بلغ ارتفاع السد 364 قدم (111 متر)، وطوله 12562 قدم (3.83 كم)، يحصر السد بحيرة ناصر التي تبلغ سعتها الإجمالية 5،97 تريليون قدم مكعب (169 مليار متر مكعب)، وأنشئ في السد محطة كهرومائية بطاقة استيعابية تبلغ 100.2 ميغاوات. تمتد بحيرة ناصر مسافة 320 كم في مصر و160 كم في السودان، وحدد الاتفاق المبرم في العام 1959 بين مصر والسودان حصة كل من البلدين من مياه النيل المنتجة سنوياً نتيجة بناء السد العالي، وبموجب الاتفاقية، حصلت مصر على 55.5 مليار متر مكعب من إجمالي 84 مليون متر مكعب من مياه النيل السنوية، وحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب.
3- خزان جبل الأولياء:
بُني على نهر النيل الأبيض في السودان في عام 1937، على بعد 44 كيلو متراً من العاصمة السودانية الخرطوم، وفي عام 2003 أقيمت عليه محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بطاقة 30 ميغا واط.
4- سد الرصيرص:
أقيم سد على النيل الأزرق في بلدة الرصيرص في عام 1952، يمتد السد من الضفة الشرقية بطول أربعة كيلو متر، وعلى الضفة الغربية بطول ثمانية فاصل خمسة كيلو متر.
5- سد مروي:
أقيم على نهر النيل في بلدة مروي شمال السودان في عام 2000.
6- سد خشم القربة:
أقيم على نهر عطبرة في عام 1964.
7- سد النهضة:
بدأت إثيوبيا ببنائه في عام 2011 على نهر النيل الأزرق في الجزء الغربي من البلاد بالقرب من الحدود مع السودان، من المتوقع أن يبلغ طول السد حوالي 1800 كم وارتفاعه 145 متر، كان من المخطط إنشاء محطة كهرومائية بطاقة إنتاجية تبلغ 000 6 ميغا واط، في عام 2013 تم تحويل تدفق النيل الأزرق بحيث يمكن بناء السد بشكل جدي. كان السد موضوع جدل كبير، ويرجع ذلك جزئياً إلى المخاوف من أنه (سيؤثر سلباً على إمدادات المياه إلى كل من السودان، ومصر).
المصدر: مواقع إلكترونية