كلنا يعرف أن الماء السّائل يبدأ بالتبخّر عندما يصل إلى درجة حرارة معينة (100 درجة مئويّة بالتّحديد)، فكيف إذًا يتبخّر الماء من الأرض الرّطبة أو من الملابس المبتلّة في درجات الحرارة المعتدلة؟
للإجابة على هذا السّؤال، علينا أن نرجع قليلاً إلى العلاقة الفيزيائيّة بين درجة الحرارة والطّاقة الحركيّة للذرّات.
ككل الذرّات والجزيئات الكيميائيّة في هذا الكون، تمتلك جزيئات الماء طاقة حركية معيّنة.
وبالتالي ففي أيّ درجة حرارة معيّنة ستكون جزيئات الماء في حالة اهتزاز وحركة دائمة تتناسب طرديًّا مع درجة حرارة الماء.
الآن، الذي يحدث عندما يصل الماء السّائل إلى درجة الغليان (100 درجة مئويّة)، هو أنّ جزيئات الماء ستتحصّل على طاقة كبيرة تمكّنها من التحرّك والاهتزاز بسرعة كافية بحيث تتكسر الروابط الكيميائيّة التي تربطها ببعضها البعض، ممّا يدفعها لتتبخّر إلى الهواء بسرعة.
بشكل عام هنالك عوامل كثيرة (غير درجة الحرارة) تساهم وتلعب دورًا هامًّا في عمليّة تبخر الماء من جسمٍ أو سطحٍ معيّن، وبالإمكان تلخيصها كالآتي:
الضغط الجوي
انخفاض الضغط الجوي يسرّع من عملية التبخّر، وذلك لأنّ جزيئات الماء المقاربة للسطّح لن تكون تحت ضغطٍ كبير يمنع من إنطلاقها إلى الهواء.
حركة الهواء
تساهم حركة الهواء في محيط الجسم المبتلّ بتسريع عمليّة التبخّر، وذلك لأنّ حركة الهواء تمنع من زيادة الرّطوبة في المحيط المباشر للجسم.
(هذه النّقطة مهمّة لأنّ الحفاظ على كثافة قليلة لجزيئات الماء في محيط الجسم يساهم في تسريع عمليّة التبخّر أيضًا).
مساحة السّطح
كلّما كبرت مساحة السّطح المبتلّ، كلّما كانت عمليّة التبخّر أسرع.
وبالتالي لنعود للسؤال المركزي حول جفاف الملابس المبتلّة: وجود الملابس المبتلة في درجة حرارة معينة (غير منعدمة) يعني أن جزيئات الماء ستمتلك طاقة حركية معيّنة، لكنها لن تكون كافية لكسر الروابط الجزيئية ليبدأ الماء تلقائيا في التبخر.
ولكن هذه الطاقة الحركيّة لن تكون موزّعة بشكل متساو فيما بين الجزيئات، ولذلك فإنّ بعض الجزيئات ستتحصّل على طاقة أكبر من غيرها، وربما – في بعض الأحيان – طاقة كافية لكسر الروابط الجزيئية، ممّا يؤدّي إلى تبخّر هذه الجزيئات إلى الهواء.
بطء التبخّر راجع لكون التبادل الطاقي بين الجزيئات يحدث بشكل بطيء، لكن كما ذكرنا فإن التلاعب بالعوامل الأخرى، كالضغط الجوي وحركة الهواء، يساهم في تسريع عملية التبخّر وبالتالي تجفيف الملابس بشكل أسرع.
المصدر: أنا أصدق العلم