سرت قصة الحب السرمدي (قيس وليلى) بين الناس مسرى الليالي والأيام حتى غدت أسطورة يرويها التاريخ فيستأنس بها البشر في كل الأقطار وارتبط مكان الهوى (جبل التوباد) بتلك الأسطورة التاريخية حتى أمسى الشخصية الثالثة في رواية قيس وليلى وتكرر ذكر هذه الرواية على استحياء في معظم الأوراق الصحفية حتى أن قارئ اليوم لا يدرك جل الرواية ولا يعرف من أين تكون البداية؟ وفيم كانت النهاية؟
قيس بن الملوح والملقب بمجنون ليلى هو قيس بن الملوّح بن مزاحم العامري الهوازني, شاعر غزل عربي من أهل نجد في شبه الجزيرة العربية. عاش في فترة خلافة مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان في القرن الأول من الهجرة في بادية العرب.
لم يكن قيس بن الملوح مجنوناً وإنما لقب بذلك لهيامه في حب إبنة عمه ليلى العامرية.
حكايته مع ليلى
عاشا صغيرين في ديار بني عامر بالقرب من جبل التوباد في بلدة الغيل في الأفلاج (تقع الأفلاج على بعد أكثر من 300 كم عن العاصمة السعودية الرياض) يرعيان غنم أهلهما, وأحب قيس إبنة عمه ليلى بنت سعد العامري كما أحبته هي كذلك.
وكما هي العادة في البادية، عندما كبرت ليلى حُجبت عنه، وهكذا نجد قيس وقد اشتد به الوجد يتذكر أيام الصبا البريئة ويتمنى لها أن تعود كما كانت لينعم بالحياة جوارها. وهكذا هام قيس على وجهه ينشد الأشعار المؤثرة التي خلدتها ذاكرة الأدب له في حب ابنة عمه ويتغزل بها في أشعاره.
تقدم قيس لعمه طالباً يد ليلى للزواج بعد أن جمع لها مهراً كبيراً وبذل لها خمسين ناقة حمراء، فرفض أهلها أن يزوجوها إليه، فقد كانت العادة عند العرب تأبى تزويج من ذاع صيتهم بالحب، لأن العرب قديماً كانت ترى أن تزويج المحب المعلن عن حبه بين الناس عار وفضيحة، وهذه عادة عربية جاهلية ولا تزال هذه العادة موجودة في بعض القرى والبوادي.
وقيل: بل رفض الزواج بسبب خلاف وقع بين والد قيس ووالد ليلى حول أموال وميراث، وأن والد ليلى ظن خطأً أن عائلة قيس سرقت أمواله منه ولم يبق معه شيء ليطعم أهله. وإن كان الرأي الأول أرجح وأثبت.
وفي نفس الوقت تقدم لليلى خاطب آخر من ثقيف يدعى ورد بن محمد العُقيلي، وبذل لها عشراً من الإبل وراعيها، فاغتنم والد ليلى الفرصة وزوجها لهذ الرجل رغمًا عنها. ورحلت ليلى مع زوجها إلى الطائف بعيدا عن حبيبها ومجنونها قيس. ويقال أنه حين تقدم لها الخطيبان قال أهلها : نحن مخيّروها بينكما، فمن اختارت تزوجته، ثم دخلوا إليها فقالوا: والله لئن لم تختار ورداً لنمثلنّ بك، فاختارت ورداً وتزوجته رغماً عنها.
روح ليلى تسبق قيس إلى القبر
رحلت ليلى عن الحياة دون أن تودع قيساً وداعاً حاراً يعبر عن ما يجول في خاطرها تجاهه كما أنها تركته دون أن يلقي إليها النظرة الأخيرة
فهام قيس على وجهه في البراري والقفار ينشد الشعر والقصيد ويأنس بالوحوش ويتغنّى بها، فيُرى حيناً في الشام وحيناً في نجد وحيناً في أطراف الحجاز، إلى أن وُجد ملقًى بين أحجار وهو ميت سنة 70 هجري الموافق 690م عن عمرٍ 45 سنة.
وبذلك أسدل الستار على رواية صاغ الزمان أحداثها فقرأها سكان الأرض بكل اللغات وبقيت شاهداً على جمال العشق وتباريحه لكل من وقع عليه ماوقع على العاشقين وقد حاول العديد من الأدباء والشعراء صياغة العشق الخالد في قوالب فنية كما فعل أحمد شوقي في مسرحيته حول هذا الجانب.
المصدر: ويكيبيديا, جريدة الرياض