يعد أينشتاين أحد أكبر علماء القرن العشرين وقد تميز بقدرته الفريدة على تبسيط الأفكار العلمية المعقدة بتحويلها لسيناريوهات واقعية يمكن للشخص العادي فهمها، وقد قام بتسمية هذه السيناريوهات بالتجارب الفكرية، وسوف نستعرض هنا بعضا من تلك التجارب التي تفسر الاكتشافات الرائدة لآينشتاين.
تخيل أنك تلاحق شعاع ضوء
راودته هذه الفكرة في السادسة عشرة من عمره، حيث بدأ آينشتاين بتخيل ما قد يحدث إذا قام بملاحقة شعاع ضوء وتمكن بعدها من الوصول لسرعة ذلك الشعاع، الأمر المتوقع حتماً أن يستطيع آينتشاين رؤية الضوء في حالة الثبات لكن ذلك في حد ذاته مستحيل لأن الحركة شرط رئيسي في وجود الضوء!
نتيجة لهذه التجربة الفكرية أدرك أينشتاين أن الضوء لا يمكن أن يبطئ من سرعته ولا بد أن يبقى متحركاً بسرعة الضوء بالنسبة لأي مرجع، وبالتالي فإن شيئاً آخر يجب أن يتغير، وتبين له لاحقاً أن ما يجب أن يتغير هو الزمان، وقد شكل هذه التجربة أرضية النظرية النسبية الخاصة به.
القطار والصواعق:
تخيل أنك تقف على سقف قطار متحرك بينما يشاهد صديقك القطار وهو يمر، الآن تخيل لو ضربت صاعقتين مقدمة القطار ومؤخرته في نفس اللحظة.
بالنسبة لصديقك فإنه سوف يرى الصاعقتين تحدثان في نفس اللحظة، لكن بالنسبة لك فإنك سوف سترى الصاعقة الأقرب لمقدمة القطار تحدث قبل الأخرى لأن الضوء سيحتاج لمسافة أقل للوصول إليك.
تبين هذه التجربة أن اختبارنا للزمان أثناء التحرك يختلف عن اختبارنا له في حالة السكون وبذلك تدعم آراء آينشتاين بأن الزمان والمكان نسبيان وأنه لا وجود لما يسمى بالتزامن بين الأحداث، وقد شكلت هذه التجربة حجر الأساس في نظرية آينشتاين للنسبية.
تخيل أن لديك توأماً في سفينة فضائية:
تخيل أن لديك توأماً تم وضعه في سفينة فضائية لحظة ولادته وانطلقت تلك السفينة في الفضاء بسرعة تقارب سرعة الضوء، حسب نظرية آينشتاين للنسبية فإن تقدمكما في العمر سوف يختلف بشكل جذري حيث أن الزمان يمر بشكل أبطئ كلما اقتربت سرعة الإنسان من سرعة الضوء ولذلك فإنه من الممكن حين تعود تلك المركبة إلى الأرض أن يخرج توأمك منها مراهقاً بينما تكون أنت على وشك التقاعد.
تخيل أنك داخل صندوق:
تخيل أنك تطفو في الهواء داخل صندوق وفي معزل عن كل ما يحدث خارج ذلك الصندوق، وفجأة ارتطمت بالأرض، ما الذي حدث؟ هل كان سقوطك بفعل الجاذبية التي تقوم بشد الصندوق إلى الأسفل؟ أم أن الصندوق تسارع بفعل حبل يقوم بشده إلى الأعلى؟ في الواقع إن كلا الفعلين سوف يؤديان لنفس النتيجة، وهذا ما جعل أينشتاين يستنتج أن التسارع والجاذبية لا يختلفان عن بعضهما، بل هما الأمر نفسه.
إذا اخذنا بعين الاعتبار اكتشاف آينشتاين بأن الزمان والمكان ليسا مطلقين، وأن الحركة قادرة على التأثير فيهما، وبما أن الجاذبية والتسارع هما الأمر ذاته، فإن الجاذبية تستطيع التأثير على الزمان والمكان.
وتشكل قدرة الجاذبية على تغيير نسيج الزمان والمكان جزءاً كبير من نظرية النسبية العامة.
تخيل أنك تقوم برمي عملة معدنية:
لم يكن آينشتاين من هواة الفيزياء الكمومية حيث كان يسعى للتشكيك منها عبر تجاربه الفكرية، لكن علماء فيزياء الكم استفادوا من تلك التجارب لسد ثغرات نظريتهم وتدعيمها.
إحدى تلك التجارب كانت تجربة رمي العملة المعدنية والتي تتحدث عن التشابك الكمي وهي ظاهر كمية ترتبط بالجسيمات الكمية كالفوتونات والالكترونات والجزيئات ببعضها، رغم وجود مسافات كبيرة تفصل بينها. مما يقود إلى ارتباطات في الخواص الفيزيائية المقيسة لهذه الجسيمات الكمية.
تخيل أن لديك عملة معدنية وقمت بفصلها (فرضاً) إلى وجهين وقمت بإعطاء أحد الوجوه لصديقك ومن ثم صعد صديقك الى مركبة فضائية وسافر لملايين الكيلومترات بعيداً عنك دون أن ينظر إلى أي الوجوه يمتلك، بمجرد نظرك إلى وجه العملة الذي في يديك فإنك سوف تستنتج الوجه الذي يمتلكه صديقه فإن كان لديك ”الطير“ فهو حتماً لديه ”النقش“، الآن دعنا نجعل الأمر أكثر غرابة لنفترض أن هذه الوجوه متغيرة باستمرار ولا تتوقف عن التغير إلا في حال النظر عليها، فإنك بمجرد أن تنظر إلى الوجه الذي بحوزتك من العملة فإنك قد أثرت على الوجه الآخر الذي يبتعد عنك ملايين السنين.
المصدر : موقع "دخلك بتعرف"