مرحباً بك في مجلة العلوم والتكنولوجيا
نقدم لك رحلة فريدة إلى عالم الاكتشافات العلمية والابتكار التكنولوجي

نحن ملتزمون بتقديم محتوى جذاب ومثير يستكشف أحدث اكتشافات العلوم وتطورات التكنولوجيا. من خلال مقالاتنا، نهدف إلى تحفيز شغف التعلم وتوفير منصة لتبادل المعرفة. انضم إلينا في مهمتنا لفك رموز العلوم، واكتشاف عجائب التكنولوجيا، والمساهمة في مستقبل لا حدود له للابتكار.

heroImg



وجود طفل مفضل على أشقائه داخل الأسرة
2022-02-14

ترجمة

 

العديد من الآباء يفضلون أحد الأبناء على أشقائه، على الرغم من أنهم على الأرجح لا يعترفون بذلك، فهل هذه طريقة "سيئة" للتربية؟
 
أدركت جوانا أن لديها طفلاً مفضلاً منذ لحظة ولادة ابنها الثاني. تقول الأم، التي تقيم في مقاطعة كنت بالمملكة المتحدة، إنها تحب طفليها، لكن طفلها الأصغر "يستحوذ عليها" بطريقة لا تحدث مع مولودها البكر.
 
عندما وضعت جوانا طفلها الأول، أُبعد عنها بسبب مشكلة صحية، ولم تتمكن من رؤيته لمدة 24 ساعة. وتعتقد جوانا أن غياب الطفل عنها خلال تلك الفترة القيمة كان بداية تفضيل طويل الأمد لابنها الثاني، الذي تمكنت من قضاء بعض الوقت معه فور ولادته.
 
تقول جوانا، التي حُجب اسمها الكامل لحماية أطفالها: "يمكن تلخيص علاقاتنا في عبارة واحدة وهي أنه يتعين علي أن أحدد موعداً مسبقاً للتحدث إلى ابني الأكبر سناً! أما ابني الأصغر فيمكنني الاتصال به عند الساعة الثانية والنصف صباحاً وسيقود سيارته أميالاً لمقابلتي. نجلي الأصغر هو ألطف رجل على هذا الكوكب. إنه حنون وكريم ومهذب وودود. إنه من الشخصيات التي تقدم العون لأي شخص".
 
وعلى الرغم من أن جوانا قاومت هذه المشاعر لسنوات، فإنها تعترف الآن بأنها باتت تتقبل هذا الأمر. وتقول: "يمكنني أن أكتب كتاباً عن سبب حبي لأحد أبنائي أكثر من الآخر. لقد كان الأمر صعباً، لكن ليس لدي أي ذنب في ذلك".
 
وعلى عكس جوانا، فإن تفضيل معظم الآباء لأحد أبنائهم يظل خفياً. قد يكون تفضيل أحد الأبناء هو أكبر المحرمات والممنوعات في طريقة التربية، ومع ذلك تظهر الأبحاث أن غالبية الآباء لديهم بالفعل طفل مفضل.
 
وهناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن الطفل الأقل تفضيلا في الأسرة تتأثر شخصيته بشكل كبير، ويؤدي هذا إلى تنافس شديد بين الأشقاء. ومع ذلك، تظهر الأبحاث أيضاً أن معظم الأطفال لا يمكنهم معرفة من هو الطفل المفضل لوالديهم حقاً. إذاً، تتمثل المشكلة الحقيقية في كيفية إدارة الآباء لتصور أطفالهم للمحاباة والتفضيل.
 
تفضيل أحد الأطفال
تقول جيسيكا غريفين، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي وطب الأطفال في كلية الطب بجامعة ماساتشوستس بالولايات المتحدة: "ليس كل آب لديه طفل مفضل، لكن العديد من الآباء يفضلون أحد الأبناء بالفعل".
 
وتضيف: "تُشير البيانات إلى أن الأمهات، على وجه الخصوص، يظهرن تفضيلاً للأطفال الذين لديهم قيم مماثلة لهن والذين يتفاعلون بشكل أكبر مع الأسرة، على صفات مثل الطموح الشديد أو الحافز الوظيفي".
 
وبغض النظر عن السبب، تظهر بعض الأبحاث أن العديد من الآباء لديهم بالتأكيد تفضيلات - سواء اعترفوا بذلك أم لا. وفي إحدى الدراسات، تبين أن 74% من الأمهات و70% من الآباء في المملكة المتحدة يظهرون معاملة تفضيلية تجاه طفل واحد.
 
ومع ذلك، لا يزال هذا الموضوع محظوراً بالنسبة لمعظم الناس. وفي بحث آخر، عندما جرى استطلاع آراء الآباء، اعترف 10% فقط بتفضيل أحد الأبناء، وهو ما يشير إلى أنه بالنسبة لمعظم الأمهات والآباء، تظل مشاعر التفضيل سراً عائلياً.
 
وعندما يعترف الآباء بتفضيل أحد الأبناء، تشير الأبحاث إلى أن ترتيب الأبناء يلعب دوراً مهماً في من يفضلونه. ووفقاً لنفس استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة "يوغوف"، أظهر الآباء الذين اعترفوا بتفضيل أحد الأبناء تفضيلاً كبيراً تجاه أصغر طفل في الأسرة، إذ اختار 62% من الآباء والأمهات الذين لديهم طفلان الطفل الأصغر.
 
كما أن 43% من الآباء والأمهات الذين لديهم ثلاثة أطفال أو أكثر يفضلون مولودهم الأخير، بينما اختار ثلث الذين شملتهم الدراسة طفلاً متوسطاً، في الوقت الذي فضل فيه 19% فقط الطفل الأكبر.
 
تقول فيجايتي سينه، أخصائية نفسية في مستشفى ماونت سيناي في مدينة نيويورك، إن تفضيل الطفل الأصغر غالباً ما يتعلق بالمهارات الاجتماعية والعاطفية المرتبطة بترتيب الأطفال - فنظراً لأن الآباء يكتسبون مزيداً من الممارسة والخبرة في تربية الأطفال، تكون لديهم فكرة أفضل عن الكيفية التي يريدون بها تشكيل طفولة أبنائهم، وما هي أهم الصفات التي يجب نقلها إليهم.
 
وتقول: "يميل الآباء إلى تفضيل الطفل الذي يشبههم إلى حد كبير، أو يذكرهم بأنفسهم، أو يمثل ما يعتبرونه نجاحاً في التربية. من المرجح أن يكون الأطفال الأصغر سناً قد تربوا على يد آباء أصبحوا بمرور الوقت والخبرة أكثر ثقة ومهارة في تربية أطفالهم".
 
التربية السيئة
وعلى الرغم من أن الآباء غالباً ما يكون لديهم طفل مفضل، إلا أن الكثيرين منهم يشعرون بالذنب، لأنهم يعرفون أن إظهار تفضيل أحد الأبناء سيكون له تأثير طويل الأمد على شعور أطفالهم بقيمتهم الذاتية. وهناك بالفعل ما يبرر هذا الشعور بالقلق.
 
تقول سينه: "الأطفال الذين ينشأون في أسر يشعرون فيها بأنهم يعاملون بشكل غير عادل قد يعانون من إحساس عميق بعدم الجدارة".
 
وتضيف: "قد يشعرون بأنهم غير محبوبين بطريقة ما، أو لا يمتلكون السمات والخصائص الخاصة التي يتعين عليهم امتلاكها حتى يحبهم الآخرون. يمكن أن يؤدي الشعور بعدم الحب في الأسرة إلى الخوف وانعدام الأمن - قد يُكون الأطفال حماية ذاتية ويحاولون أن يكونوا لطيفين ومقبولين بشكل مفرط مع الآخرين".
 
لكن بالنسبة لمعظم الآباء، فإن مخاوفهم في غير محلها، إذ تشير الدلائل إلى أنه ما لم تكن المعاملة التفضيلية شديدة للغاية، فلن يتأثر معظم الأطفال بكونهم الأقل تفضيلاً.
 
تقول سينه: "أحياناً يكون الآباء واضحين بشكل صارخ في إظهار الحب والعاطفة. لكن عندما يكون الآباء يقظين وحريصين ويبذلون قصارى جهدهم للتأكد من أن مشاعر التقارب أو عوامل الإعجاب ليست واضحة، فلن يشعر الأطفال بعدم استحقاق حب والديهم ودعمهم".
 
في الواقع، في معظم الحالات، قد لا يعرف الأطفال حتى أن والديهم يفضلون أشقاءهم في المقام الأول. في إحدى الدراسات، عندما جرى استطلاع آراء الأشخاص الذين ذكروا أن آباءهم كان لديهم طفل مفضل، زعم أربعة من كل خمسة أن شقيقهم كان مفضلاً عليهم - وهي إحصائية تبدو غير محتملة. وأظهرت دراسات أخرى أن الأطفال يحددون بشكل غير صحيح من هو الطفل المفضل خلال أكثر من 60% من الوقت.
 
بالطبع، من الممكن أن يقوم الآباء بعمل أفضل بكثير من المتوقع فيما يتعلق بإخفاء تفضيلاتهم. أو - كما تشير غريفين - نحن ببساطة سيئون جداً في تخمين من يكون الطفل المفضل حقاً.
 
تقول غريفين: "على الرغم من أنك قد تعتقد أن الأطفال يعرفون بشكل غريزي ما إذا كان والدهم لديه طفل مفضل أم لا، ومن يكون هذا الطفل، فإن البيانات تثير الدهشة. قد يفترض الأطفال أن الطفل الأكبر أو الرضيع هو المفضل في الأسرة، أو أنه الطفل الذي ينجز بشكل أكبر في الأسرة ويسبب ضغوطاً أقل في عملية التربية. بينما في الواقع، قد تكون لدى الآباء أسباب مختلفة ومتنوعة للتفضيل - مثل تفضيل الطفل الذي يعاني أكثر من غيره، أو الطفل الأكثر تشابهاً معهم".
 
وتشير غريفين إلى أنه من المنطقي تماماً - بل ومن المتوقع - أن يكون لدى الآباء طفل مفضل، وأن الآباء يجب ألا يشعروا بالذنب إذا وجدوا أنفسهم أقرب إلى طفل من الآخر.
 
وتقول إنه على الرغم من أن الأطفال الذين يعتقدون أنهم الأقل تفضيلاً يعانون من تدني احترام الذات ومعدلات أعلى من الاكتئاب، إلا أنه في معظم الحالات لا يكون لدى الأطفال أي فكرة عن الأشقاء الذين يفضلهم آباؤهم.
 
ووجدت غريفين أن لغز الطفل المفضل قد ظهر في حياتها المهنية والشخصية: أطفالها الثلاثة يمزحون باستمرار بشأن من يجب أن يكون الطفل "المفضل".
 
وعلى الرغم من أنها توصي الآباء أو الأطفال الذين يجدون أن التفضيل يؤثر على علاقاتهم أو صحتهم العقلية، بالتحدث إلى طبيب أطفال أو مقدم خدمات الصحة العقلية، إلا أنها تعتقد أنه يمكن معالجة معظم الاختلالات بأساليب بسيطة تظهر الرعاية والاهتمام.
 
تقول غريفين إنه على الرغم من أن الآباء قد لا يعترفون بسهولة بالتفضيل، إلا أنهم بالتأكيد لن يكونوا بمفردهم إذا وجدوا أنفسهم أقرب إلى طفلٍ من الآخر، فمعظم الآباء والأمهات يفضلون طفلاً على الآخر، ولا بأس في ذلك.
 
وتضيف غريفين: "ستكون هناك أيام نفضل فيها أن نكون بجانب طفل أكثر من الآخر، لعدد من الأسباب المختلفة. لكن الشيء المهم الذي يجب تذكره هو أن وجود طفل مفضل لا يعني أنك تحب أطفالك الآخرين بشكلٍ أقل".
 
المصدر: BBC
   
   
2022-02-14  


لا يوجد تعليقات
 
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق
500حرف