جَالِينُوس "Galenos" أو جالين هو طبيب وفيلسوف يوناني إغريقي شهير تخصص في علم التشريح، أثرت دراساته وكتاباته تأثيراً كبيراً في الطب الغربي لمدة 1300 عام، ولد في العام 130م وتوفي في العام 200م. ولد لأب وأم يونانيين في مدينة بيرغاموم القديمة والمسمية حالياً برغاما "Bergama" في محافظة أزمير في تركيا، ويُعتبر أحد أعظم الأطباء في العصور القديمة. أثر جالينوس على تطور فروع علمية عدة، ومنها علم التشريح، علم وظائف الأعضاء (فيزيولوجيا) وعلم الأمراض (باثولوجيا)، علم الأدوية وعلم الأعصاب، فضلاً عن الفلسفة و المنطق.
ولادتُه ووفاته
وُلد جالينوس نحو سنة 129م، وكان مسقطُ رأسه في بلدة برغامة "Bergama" (الواقعة اليوم في محافظة أزمير في تركيا، واسمُها سلطانية)، وكانت زمنَ جالينوس تابعةً للإمبراطورية الرومانية باسم برغاموم "Pergamum"، وتُوفِّي في روما سنة 199م.
يقول جالينوس إنَّ أباه كان يقوم على تعليمه الهندسةَ والحساب. وبعدَ أن أنهى دراسةَ هذه العلوم الرياضية، وهو في سنِّ الخامسة عشرة، بدأ والده بتعليمه المنطقَ والفلسفة، ثمَّ رغب في تعليمه صناعةَ الطب التي أنهاها وهو في السابعة عشرة من عمره. وفي سنة 157م بدأ بممارسة الطبِّ، وقد اكتسبَ خبرةً واسعة في الجراحة والتغذية. وكانت منذ وقت وفاةِ أبقراط وإلى ظهور جالينوس 665 سنة.
كان جالينوس مُحَّباً للترحال والأسفار طلباً للاستزادة والاستفادة من تجاربه وتجارب غيره من أطبَّاء عصره، وقد سافرَ إلى روما التي قام فيها بأنشطته وإلقاء المحاضرات في علم وظائف الأعضاء وفي التشريح، فذاعت شهرتُه، لاسيَّما نجاحه في معالجات المرضى الذين عجز الكثير من أطبَّاء روما عن شفائهم، واستغلَّ وقتَه في التأليف وتطوير نظريَّاته في علم الطب على أوَّل قاعدة علمية لدراسة الطب، تقوم على التجربة والإجراءات التشريحية التي غدت من أهمِّ مقرَّرات الدراسات الطبِّية العلمية في أوربا ومدارسها وجامعاتها، واستمرَّ أطبَّاء أوربا في الاعتماد على طرائقه في معالجتهم للمرضى حتَّى القرن الثامن عشر. وبعدَ ذلك بدأت تظهر بعضُ المراجعات لبعض نظريات جالينوس.
يدور مذهب جالينوس في الطب على أساس القول بأن الأخلاط الأربعة -الدم والبلغم والصفراء والسّوداء- هي التي تقرِّر صحة الإنسان ومزاجه. وكانت هذه النظرية قد طُورت على يد قدماء الأطباء ومنهم أبقراط.
أثّرت نظرياته وهيمنت على الطبّ في الغرب لما ينوف عن 1300 عاماً، فقد بقيت تقاريره وأعماله منفردةً في مجال التشريح حتى العام 1543، كانت هذه الأعمال ترتكز بصورةٍ أساسيةٍ على تشريح القرود وخاصّةً المكاك البربري، إلى جانب الخنازير، ولم يتِم تجاوز أعماله إلا عندما نُشر عمل De humani corporis fabrica (حول تركيبة الجسم البشري) لأندرياس فيساليوس، حيث شكل بذرة لأعمالٍ لاحقةٍ، وكان يتضمن وصفاً وصوراً توضيحيةً لحالات تشريحٍ بشرية، وتمت فيه موائمة نظرية جالينوس في علم الوظائف مع ما استجدّ من ملاحظات. استمرّت نظريّة جالينوس في علم وظائف الجّهاز الدوري في فرض هيمنتها على مجال الطب حتى العام 1628 حين نَشر ويليام هارفي دراسته المعنونة Exercitatio Anatomica de Motu Cordis et Sanguinis in Animalibus (تمارينٌ تشريحيةٌ على حركة القلب والدم في الحيوانات)، والتي توصّل فيها إلى أن الدم يدور في حين يلعب القلب دور المضخّة.
استمر طلاب الطب في دراسة نظريّات جالينوس حتى القرن التاسع عشر. قام جالينوس بالعديد من التجارب على أربطة الأعصاب والتي دعمت نظريته التي مازالت مقبولةً إلى يومنا هذا، والقائلة بأنّ الدّماغ يتحكم بكامل حركة العضلات بوساطة الجهاز العصبي المحيطي.
كان جالينوس يرى نفسه طبيباً و فيلسوفا في آنٍ معاً، و هذا ما كتبه في بحثه المعنون That the Best Physician is also a Philosopher (أفضل طبيب هو فيلسوف أيضاً)، كان جالينوس مهتمّاً بالسّجالات ما بين أتباع المدرستين العقلانيّة (العقائدية ) و التجريبيّة، حيث كان أسلوبه يمثل حالةً وسطى ما بين المذهبين. تُرجمت الكثير من أعماله من لغتها الأصليّة (اليونانيّة) وحُفظت، في حين اندثرت أعمالٌ أخرى كثيرة. الكثير من أعماله حُفظت فقط بنسختها العربية، حيث ازدهرت الترجمة من اليونانية إلى العربية في العصر العباسي، وأبرز مترجمي أعماله كان الطبيب العربي المسيحي حنين بن إسحق.
أجله الأطباء العرب. لقبه أبو بكر الرازي بـ «ثَانِي الفَاضِلَيْن»، بعد أبقراط.
صنف عدداً من المؤلفات، أحصاها ابن أبي أُصيبعة بما يقارب 126 كتاباً ورسالة ومقالة، بينما يقول بعض الباحثين أن مؤلفاته قد تجاوزت 500 مؤلف.
المصدر: ويكيبيديا, المعرفة, الطبي, موسوعة الملك عبد الله للمحتوى الصحي