إذا سافرت على متن طائرة ٍتجاريةٍ من قبل، ستلاحظ عندها أنه بالإضافة إلى الطعام الطازج والإلتزام بالبقاء في نفس المكان لساعاتٍ حتى النهاية، أن الحياة على ارتفاع 35,000 قدمٍ مريحة بشكلٍ معقول، على الأقل ان كنت لا تسافر كل يوم، ومع ذلك تعد الراحة مصطلحٌ فردي يختلف تعريفها من شخص إلى آخر، إذاً دعنا نتكلم عن حاجةٍ إنسانيةٍ أكثر أهمية وهي البقاء على قيد الحياة. يمثل الأكسجين متطلباً رئيسياً لبقاء الإنسان على قيد الحياة، ولا يختلف السفر على متن الطائرات التجارية كثيراً عن وجودك على الأرض، إذ إن توافر الأكسجين على متن الطائرة يضمن بقاؤنا على قيد الحياة.
ولكن كيف نتنفس بأريحيةٍ في الطائرة في ظل الظروف الطبيعية؟
كيف تزود الطائرات التجارية المحلقة على آلاف الأقدام الركاب بالأكسجين؟ تحصل الطائرات على تزويدٍ غير محدودٍ بالأكسجين من الهواء المحيط، عبر منصة المكبس لمحرك التوربين، ليمر بعدها عبر مجموعةٍ من الآلات ويضخ بشكلٍ غير محدودٍ في مقصورة المسافرين، ويتم جمع الهواء الموجود والتخلص منه داخل المقصورة عبر صمام تدفقٍ خارجي في الجزء الخلفي من الطائرة، وبالتالي يتم الحفاظ على تزويدً مستمر للهواء المنعش.
التوافر الطبيعي للأكسجين على 35,000 قدم
قد تكون على دراية مسبقة بأن الهواء الصالح للتنفس،يتوافر بقلةٍ على الارتفاع الذي تطير معظم الطائرات عنده، غير أن لمصطلح”صالح للتنفس” دلالات كثيرة في هذا السياق، لأن وفرة الهواء بحد ذاتها على ذلك الارتفاع ليست مشكلة، وبعبارات أخرى، يتواجد الهواء بوفرةٍ على ارتفاع 10 كلم، كما يوجد أيضاً أكسجين كاف فيه، ويوجد في الحقيقة كمية معقولة من الهواء على ارتفاع محطة الفضاء الدولية! لكن وبرغم وجود الكثير من الهواء حيث تحلق الطائرات، إلا أن المشكلة تكمن في أن ضغط الأكسجين في ذلك الهواء قليل جداً ليستطيع الإنسان تنفسه مباشرة.
كيف تستطيع الطائرات توفير هواء نقي للركاب خلال كل رحلة؟
تستخدم معظم الطائرات التجارية نفس فكرة “نزف” هواءٍ مضغوطٍ ساخنٍ من داخل المحركات النفاثة وتمرره عبر مجموعة من الآلات، لتتم معالجته وضخه أخيراً في مقصورة الركاب. يدخل الهواء السريع داخل كلا محركين الطائرة حينما تحلق، ويتم ضغط الهواء عند مروره عبر طبقات شفرات المروحة داخل التوربين، ليستنزف بعدها الهواء الساخن من داخل التوربين في منصة المكبس، ويعرف الهواء المولد في هذه المرحلة بالهواء الدافع.
ولكن الهواء الدافع في هذه المرحلة ساخنٌ جداً، بدرجة حرارة حوالي بضع مئات الدرجات الفهرنهايتية، فمن الواضح أنه يجب تبريده، ولهذا السبب يسمح للهواء الدافع بالتمدد والمرور عبر مبادلٍ حرارٍي ليتم تبريده لدرجة حرارة مريحة، ونشر هذا الهواء البارد المنقى في مقصورة الركاب على ضغط يمكن للإنسان تنفسه براحة. كما يتواجد صمام ضغطٍ خارجي عادةً في الجزء الخلفي من المقصورة ليضمن تصريف الهواء المستخدم إلى خارج الطائرة، وبالتالي ضبط جودة الهواء داخل المقصورة، لذلك لا تقتصر توربينات المحركات الواقعة على طرفي الطائرة على توفير دفعةٍ للأمام فحسب، فهي تحافظ أيضاً على الضغط داخل المقصورة، لنبقى مرتاحين وواعين خلال فترة طيراننا.
أقرأ أيضاً