كشفت دراسة علمية أن الإنسان البدائي (نيانديرتال"Neanderthal") الذي عاش في أوروبا وانقرض قبل حوالي 40,000 سنة مضت, حاول أن يعالج آلام الأسنان قبل 130 ألف سنة، في مؤشر إضافي الى تقدّم هذا النوع البشري الذي اندثر قبل عشرات آلاف الاعوام.
وكان لإنسان "نيانديرتال" "الأسبيرين" الخاص به، بتعبير الباحثين، وهو ورق شجر الحور الذي يفرز، عند مضغه، مادة مسكّنة ومضادة للالتهابات. وكان يلجأ إلى هذا النوع من المسكّنات قبل 48 ألف سنة، وفقا لدراسة سابقة نشرت في آذار الماضي.
أما الدراسة الجديدة التي نشرت في مجلة "انترناشونال أسوسيايشن أوف باليودونتولوجي"، فركزت على تحليل 4 أسنان من الفك الأيسر لإنسان "نيانديرتال" عثر عليها في موقع كرابينا في كرواتيا. ولاحظ العلماء أن فيها حفراً وأشكالا أخرى من أشكال المعالجة.
وقال دايفيد فراير، الاستاذ في جامعة كنساس الأميركية والقيم الرئيسي على هذه الدراسة: "هذه العلامات تدل على وجود مشكلة في الأسنان كان يعانيها ذاك الرجل، وكان يحاول أن يعالج نفسه".
وشارك في الدراسة أيضاً طبيب الأسنان جوزف غاتي، ومفوضة متحف التاريخ الطبيعي في كرواتيا دافوركا روادوفيتش. وقد حلل العلماء الأسنان، مستخدمين المجهر. ولاحظوا أن السن الضاحكة وضرس العقل كانا منحرفين عن موقعهما الطبيعي في الفك. وتبين لهم وجود 6 حفر عليهما وعلى سنّين أخريين.
ورجّحوا أن يكون ذلك الإنسان القديم حاول أن يقتلع الضرس المؤلم بأداة قد تكون من العظم أو من جذور الاشجار. وأشار فراير إلى أن هذا الاكتشاف يثبت أن ذاك النوع البشري القديم كانت لديه "القدرة على التأثير بمحيطه من خلال استخدام الأدوات" التي كان يصنعها.
وإنسان "نيانديرتال" نوع من البشر من سلالة تختلف عن سلالة الإنسان المعاصر، تعايش معه في بعض المناطق من الشرق الأوسط وجنوب إفريقيا، حين خرج أسلاف الإنسان المعاصر من إفريقيا إلى سائر مناطق العالم. وحصل تزاوج بين النوعين. لكن إنسان "نيانديرتال" انقرض قبل 40 ألف سنة تقريباً لأسباب ما زال الغموض يشوبها.
ورجّح بعض العلماء أن يكون انقراضه عائداً إلى عدم قدرته على التكيّف مع تغير النظام الغذائي من جراء تغير المناخ. وبسبب تزاوج النوعين، يحمل معظم البشر اليوم بين 2% إلى 4 % من جينات تعود إلى إنسان "نيانديرتال". وسبق أن أظهرت دراسات أنه كان يصنع الحليّ ويهتمّ بالفنون، مما يبدد فكرة قديمة عنه أنه كان مخلوقاً همجياً.
وقد عثر على أسنان وأدوات ومتحجرات أخرى تعود الى إنسان "نيانديرتال" في موقع كرابينا بين العامين 1899 و1905. وقبل أشهر، عثر علماء آثار على عظمة غراب تحمل نقوشاً، وتعود إلى 40 ألف عام، مما يدفع إلى الاعتقاد أن إنسان "نيانديرتال" كان يعتني بالفنون والنقوش الرمزية، على ما جاء في دراسة فرنسية نشرت في الولايات المتحدة.