يقول المثل "الضحك خير دواء"، يحمل هذا المثل في الواقع شيئاً من الصحة من الناحية الطبية. تشير الدراسات إلى أن عواطفنا يمكن أن يكون لها آثار إيجابية وسلبية على أجسادنا، وبالتالي فإنها تؤثر على مظهر الجلد. ولذلك يمكن القول أن القرار بيدك، أي أن مزاجك ينعكس على مظهرك وملامحك وهي الصورة التي يراك بها من حولك.
القلق
بعيداً عن جميع المشاعر العاطفية فإن القلق هو عدو البشرة الشابة على وجه الخصوص. حيث يمكن للقلق أن يترك علامات التجاعيد واضحة على الوجه أكثر من الزمن لأنه يعتبر من أكثر العوامل المحفزة لهرمون الكورتيزول الذي يفرزه الجسم بغزارة في أوقات القلق والتوتر. ويؤثر الكورتيزون على أعضاء الجسم، حيث تصبح الأوعية الدموية ضعيفة، وتتعثر عملية تجدد الخلايا الجلدية مما يؤخر معدل نموها إلى النصف، وهذا ما يعرف بشيخوخة الجلد.
في كثير من الأحيان وخلال أوقات القلق، تبدو الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى إلى قطعة شوكولاتة أو رقائق البطاطا المالحة أو مشروب الكوكتيل اللذيذ. ومع الشعور بالاكتئاب تزداد الرغبة عند كثير من الناس إلى تناول المزيد من الاطعمه ويقل بالمقابل شرب الماء مما يصيب الجسم بالجفاف. كما أن الاحساس بالقلق يدفعك غالباً إلى إهمال العناية ببشرتك. وبينما يساعد الجفاف في إبراز التجاعيد والخطوط الدقيقة ويجعلها أكثر وضوحاً، فإن التغذية السيئة والعناية الرديئة بالجلد يزيدان الأمر سوءا مما يعرض البشرة للبثور.
الغضب
يؤدي الغضب الذي ينتابنا في لحظات مختلفة سواء في الطريق أو أثناء النقاشات الحادة إلى تقلص عضلات الوجه فتكون مشدودة مما يمهّد على مرور الوقت لظهور الخطوط الدقيقة والتجاعيد. كما يؤثر الغضب في التئام الجلد وتجدّد الخلايا الجلدية.
حيث أجريت دراسة على مجموعتين من المزاجات، مجموعة سريعة الغضب وأخرى أكثر سيطرة، وقامت الدراسة بعمل جرح بسيط في الذراع ولوحظ أن التئام الجرح يستغرق مدة تزيد بأربعة أضعاف لدى الأشخاص سريعي الغضب. وأرجع الباحثون هذه الظاهرة إلى المستويات العالية من الكورتيزون الذي يتم إفرازه سريعاً عند الأشخاص سريعي الغضب الذي يمنع انتاج الكولاجين - العنصر المهم في التئام الجلد، وزيادته تسبب التجاعيد في البشرة.
الاكتئاب
تماماً مثل الغضب يترك الحزن والاكتئاب علامات على الوجه تتمثل في التجاعيد الناتجه عن تقطيب الحواجب المتكرر وتشير البحوث إلى أن تعبيرات الوجه لديها مثل هذه التأثيرات القويه على الجلد، وأن عدم العبوس سوف يشعرك في الواقع بأنك أقل حزناً، وفي إحدى الدراسات التي أجريت على مجموعة من المصابين بالاكتئاب وبعد معالجتهم بمضادات الاكتئاب دون جدوى تم استخدام حقن البوتكس في الجبين، الأمر الذي ساعد في الحدّ من ظهور التجاعيد. وبعد 6 أسابيع انخفضت نسبة الاكتئاب بمعدّل 47% في المجموعة التي تغلبت على الاكتئاب وبمعدل 9% عند البقية الأخرى مما يدل على أن عضلات الوجه لا تعكس التعبيرات فحسب، بل إنها تؤثر كذلك في المزاج.
إن الاكتئاب على المدى الطويل له آثار كارثية على الجلد، وذلك لأن المواد الكيميائية المرتبطة بهذه الحالة يمكن أن تعيق الجسم عن التغلب على الالتهابات في الخلايا. وتؤثر هذه الهرمونات على النوم، وتظهر آثارها على وجوهنا إلى حدّ بعيد، فتبدو العيون منتفخة والبشرة باهتة ومتعبة.
الخجل
ينتقل الاحساس بالخجل من الدماغ إلى الجلد عن طريق إشارات يرسلها الدماغ إلى المستقبلات الحسية في الجلد مما ينتج عنه إحمرار الخدين. إن حساسية الجهاز العصبي العاطفي تفسر في كثير من الأحيان السبب في كيفية حدوث الإحمرار في الخدين ومدى سهولة حدوثها، كما تشرح السبب في الشعور بحرارة الخدين.
يعزو الأطباء سرعة احمرار الخدين وعلى نحو متكرر إلى حالة جلدية تعرف بالوردية ناجمة عن انتفاخ الأوعية الدموية بشكل مزمن. وعلى كل حال ينبغي التمييز بين احمرار الخدين واحمرار الجلد بشكل عام والتي تكون أشدّ احمرارا وتنتشر على كامل الجسم وليس الخدين فقط، وهي ناجمة عادة عن عامل خارجي مثل ارتفاع حرارة الجسم أو التحسس من أنواع البهارات والأطعمة.
الخوف
عند التعرض للتهديد والشعور بالخوف -سواءً كان السبب حقيقياً أو وهمياً- فإن ردة فعل الجسم الأولى تتمثل فيما يرسله الدماغ من إشارات إلى الغدة الكظرية لإفراز إنزيم الأدرينالين. ونتيجة لذلك، تزداد سرعةدقات القلب، ويتسارع تدفق الدم إلى عضلات الجسم الكبرى لكي يمدها بقدر كبير من الطاقة لتلبية حاجة الجسم للركض إن لزم الأمر. والأدرينالين مسؤول أيضاً عن توزيع الدم في الجلد والوجه وحصرها في الأوعية الدموية في الجلد للسيطرة على الدم والحدّ من النزيف في حالات الجروح. ويرى الأطباء أن الانزيمات والتغيرات الكيميائية التي تحدث في الجسم بفعل الخوف من شأنها أن تجعل البشرة باهتة وشاحبة.
اليكم تلخيص حول 8 تأثيرات ظاهرية للتوتر على الجلد:
1- طفح قبيح ومثير للحكاك:
خلايا الجلد موجودة بطبقات فوق بعضها ومعبأة بإحكام معاً، وتشكل سوية حاجزاً قويا يمنع انتشار البكتيريا ومسببات الأمراض الأخرى. عندما يكون الشخص في حالة ضغط فإن الطبقات الخارجية من الجلد تصبح عاجزة عن الحماية، حيث تتفكك هذه الطبقات الخارجية وتتبخر الدهون الموجودة بين الخلايا مما يؤدي للتشققات البسيطة، هذه التشققات تجعل الجلد أكثر نفاذاً مما يتيح للبكتيريا الضارة تلويث الطبقات الأعمق من الجلد. هذه الجراثيم تنتج بروتيناً يقوم بتفعيل الجهاز المناعي ما يؤدي لللإكزيما والصدفية.
2- حب الشباب:
اتضح في دراسة أجريت على طلاب 22 جامعة أمريكية خلال أسابيع الامتحانات النهائية أن الطلاب اللذين يعانون من التوتر والقلق قبل الامتحان عانوا من حالة حب شباب أسوأ مقارنة بأولئك الأقل توترا، وقد أظهرت دراسات أخرى أن علاجات الإسترخاء قد تخفف من حدة الإصابة في حالة حب الشباب.
3- سرطانات الجلد
أثبتت دراسات أخيرة على الفئران ومن ثم على البشر اتضح أن "الميلانوما" وهو أكثر أنواع سرطان الجلد فتكاً كان منتشراً أكثر بين أولئك الذين يعيشون حياة يسودها التوتر، مقارنةً بأولئك الذين لم يتم تشخيص سرطان جلد لديهم.
4- التلوث
كما تحدثنا سابقاً فالكورتيزول هو ستيروئيد يتم إفرازه بكثرة كلما اشتد التوتر وهو يؤدي للتحسس وتعرض وتأثر نظام البشرة بشكل أكبر للملوثات –دراسة يابانية كشفت انه خلال مشاهدة فيلم كلما ضحك المشاهد أكثر، قل افراز الكورتيزول وهورمونات التوتر ودائماً لمصلحة الجلد–.
5- القروح الباردة:
يؤثر التوتر على العديد من الخلايا المناعية المختلفة سلباً، ما يؤدي لتفشي الأمراض الجلدية المرتبطة بالحصانة مثل القروح الباردة (إضافة إلى الصدفية، الأكزيما، القوباء المنطقية، والثاليل الفيروسية).
6- خطوط العبوس (التجهم):
خطوط العبوس على الوجه لا يعرف معظم الأشخاص سببها وهي تبدو أحياناً كالتجاعيد ومن علامات الشيخوخة المبكرة. قد تجبر نفسك على التبسم لكن الابتسامة لن تجدي نفعاً في حال معاناتك من التوتر المزمن والأفكار والمشاعر السلبية. في الحقيقة، فإن الإبتسامة الطبيعية والدائمة تأتي فقط من المشاعر الإيجابية التي تسبب لك الرغبة بالابتسام.
7- الجفاف:
يقلل التوتر من الحاملات الدهنية في البشرة، ما يؤدي لتبخر السوائل وبالتالي الجفاف.
8- شحوب الجلد:
عندما يكون التوتر والقلق عبارة عن حالات مزمنة، يستغرق خلايا الجلد وقتاً أطول لبلوغ سطح البشرة وبالتالي التقشر، ما يسمح لخلايا البشرة الميتة التراكم والتسبب بالشحوب وبهتان الجلد.
المصدر: جريدة الرياض, ويب طب