مرحباً بك في مجلة العلوم والتكنولوجيا
نقدم لك رحلة فريدة إلى عالم الاكتشافات العلمية والابتكار التكنولوجي

نحن ملتزمون بتقديم محتوى جذاب ومثير يستكشف أحدث اكتشافات العلوم وتطورات التكنولوجيا. من خلال مقالاتنا، نهدف إلى تحفيز شغف التعلم وتوفير منصة لتبادل المعرفة. انضم إلينا في مهمتنا لفك رموز العلوم، واكتشاف عجائب التكنولوجيا، والمساهمة في مستقبل لا حدود له للابتكار.

heroImg



أيهما يعيش أكثر.. النباتيون أم آكلو اللحوم؟
2017-04-06

ترجمة

تتأثر احتماليةُ عيشِ حياةٍ مديدةٍ بمورثاتِنا وبيئتنا على حدّ سواء، لكن مقارنةَ تأثيرِ هذين العاملين تفضي إلى تغلُّب عاملِ البيئة على عامل الجينات. إذ وجدَ الباحثون في دراساتٍ على توائمَ حقيقيةٍ أنّ الجيناتِ تؤثّرُ على احتماليةِ العيشِ هذه بنسبةٍ لا تتجاوز الـ 30%، مما يعني أنّ أغلبَ التأثيرِ يعودُ إلى العواملِ البيئية. ومع ذلكَ فإنّ عدداً قليلاً من هذه العوامل قد تمّت دراستُهُ واستقصاؤُهُ بالفعل، ولكنّ الحميةَ الغذائية والتقيّدَ بعددٍ محددٍ من السّعرات الحرارية كانا أحد هذه العواملِ المدروسة.

تُظهر الدراسات حتى الآن أنّ التقيّدَ بعددٍ محددٍ من السّعرات الحرارية قد يزيدُ أمدَ الحياة عند الكائناتِ الصغيرة على الأقل، لكن ما ينطبق على الفئرانِ قد لا ينطبقُ بالضرورةِ على البشر. ويشكّلُ نوعُ وكميةُ ما نأكلُهُ مادةً مهمةً للدراسةِ والبحثِ، وغالباً ما توضع قضيةُ استهلاكِ اللحوم تحتَ البحثِ الدقيق.

هذا وفي الحقيقة، تأتي نتائجُ الدراسات متفاوتةً حولَ أيّهما أفضل لحياةٍ أطول، تناولُ اللحومِ أم الحمياتُ الخاليةُ منها. فقد وجدت إحدى الدراساتِ التي أُجريت على حوالي 100.000 أمريكيّ لمدةِ خمس سنواتٍ أن آكلي الأطعمةِ الخاليةِ من اللحومِ كانوا أقلَّ عرضةً للوفاة – باختلاف نوعِ مسبّبات الوفاة – وذلكَ مقارنةً بغيرِهِم من آكلي اللحوم وخلالَ فترةِ إجراء الدراسة، وكان هذا التأثيرُ ملحوظاً
بشكلٍ أكبر لدى الذكور مقارنةً بالإناث. ووفقاً للدراسةِ التحليليةِ للبيانات، فإنّ اتّباعَ حميةٍ منخفضةِ اللحوم يرتبطُ بزيادةِ العمر، وتتزايدُ الفائدةُ كلّما قلّ الاعتمادُ على تناول اللحوم.

لكنّ بعضَ الدراسات الأخرى لم تتّفق مع هذه النتائج، إذ أظهرَ بعضُها أن الفروقَ في طولِ الحياة بين آكلي اللحوم وغيرِهم قليلةٌ جداً وتكاد تكون معدومة، علماً أن الوجباتِ الخاليةَ من اللحم تُخفّضُ خطرَ حدوثِ المشاكل الصحيةِ مثل داء السكري من النمط 2، وارتفاعِ ضغط الدم الشرياني، وحتى السرطان. وتشيرُ بعضُ الأدلة أنّ الحمياتِ الخضريةَ Vegan Diets قد تُقدّمُ وقايةً إضافيةً لتلك التي تقدمها الحميةُ النباتية التقليدية، ولكن من الأدق لنا أن نقولَ بأنّ هذه التأثيراتِ قد تعودُ ملحوظةً تجاهَ المشاكلِ الصحية أكثر من أسبابِ الوفاة.

حسناً، هل يزيدُ تجنّب اللحوم من طولِ العمر؟
إنّ الإجابةَ على السؤال هي ببساطة: "ليس بعد!" الأمر المؤكد أنّ البشر – مقارنةً مع معظمِ المخلوقات الأخرى- يعيشون لفترةٍ طويلةٍ جداً، وهذا ما يزيد صعوبةَ الدراساتِ التي تقيسُ تأثيرِ العواملِ المختلفةِ على معدّل الحياة لديهم، فمن الصعب أن نجدَ عالماً مستعدّاً للانتظار مدةَ 90 عاماً ليكمل بحثاً يرعبُ بإجرائه، ذلك إن بقي هو على قيدِ الحياة!

وبدلاً من ذلك، ينظرُ العلماء إلى السجلّات الصحيةِ الموجودةِ أو يختارون متطوّعين للدراساتِ التي تشغلُ فتراتٍ زمنيةً أقصر، وتقومُ بقياسِ معدلات الوفيات، وتتطلّعُ إلى معرفةِ المجموعةِ التي من يُرجحُ موتُها أولاً. ومن هذه البيانات، يتمّ تقديمُ افتراضاتٍ حولَ تأثيرِ بعضِ الأنشطةِ على طولِ العمر، بما في ذلك تجنّبُ اللحوم.
ولكن لهذه الطريقةَ ما لها من المشاكل، فأولاً، وجودُ صلةٍ بين شيئين – مثلَ تناولِ اللحوم والموت المبكر- لا يعني بالضرورة أن أحدهما سببٌ لحدوث الآخر، ويمعنى آخر،فإنّ التلازمَ لا يفيدُ السببيّة. فقد يظهرُ أن الحمياتِ النباتيةَ وطولَ العمر مترابطان أيضاً، ولكن السبب قد يكون متغيراتٍ أخرى، كممارسةِ النباتيين للرياضة بشكلٍ أكبر مثلاً، أو انخفاضِ معدّل التدخين وشربِ الكحولِ لديهم مقارنةً بآكلي اللحوم.

هذا وتعتمد الدراساتُ التغذوية على تسجيلِ المتطوّعين لما يتناولونَهُ تسجيلاً دقيقاً وصادقاً، ولكنّ الوصولَ إلى هذه الدرجةِ من الدقّةِ أمرٌ صعب، فقد اشارت الدراساتُ إلى ميلِ الأفرادِ إلى عدمِ الإفصاح عمّا يتناولونَه بشكلٍ دقيق ويفضّلون المبالغةَ بما يتناولونَه من أطعمةٍ صحيّة، وهذا يعني أن الدراساتِ المعتمدةَ على هذا النوع من البيانات الغذائية لن يكون دقيقاً بشكلٍ كامل. ولذلك سيكون من الصعبِ أن نمنحَ نتائجَ هذه الدراساتِ ثقةً مطلقةً إن لم تكن مترافقةً مع الضبط الكامل لحميةِ المشاركين.

وفي الختام، هل علينا أن نتجنّبَ اللحومَ لنعيشَ حياةً صحيةً مديدة؟
ربما يكمُن مفتاحُ التقدم بالعمر مع التمتّع بالصحة التامّة في التحكم في بيئتِنا المحيطة، بما في ذلك التحكمُ بما نأكلُهُ والعملُ على التحولِ إلى نظامٍ غذائيٍ صحيٍ ومتوازن، مع زيادةِ حِصصِ الخضارِ والفاكهةِ، وتقليلِ حصصِ اللحومِ والدهون، مع الالتزام بالحدود المنصوح بها لكلّ نوع، فضلاً عن تبنّي العادات الصحية كزيادةِ النشاط الرياضيّ، واجتنابِ تلكَ السيّئة كالتدخين وغيرِها.

 


المصدر: الباحثون السوريون, مترجم من موقع sciencealert

   
   
 


لا يوجد تعليقات
 
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق
500حرف