مرحباً بك في مجلة العلوم والتكنولوجيا
نقدم لك رحلة فريدة إلى عالم الاكتشافات العلمية والابتكار التكنولوجي

نحن ملتزمون بتقديم محتوى جذاب ومثير يستكشف أحدث اكتشافات العلوم وتطورات التكنولوجيا. من خلال مقالاتنا، نهدف إلى تحفيز شغف التعلم وتوفير منصة لتبادل المعرفة. انضم إلينا في مهمتنا لفك رموز العلوم، واكتشاف عجائب التكنولوجيا، والمساهمة في مستقبل لا حدود له للابتكار.

heroImg



كيف تم احتساب محيط الكرة الأرضية في القرن الثالث قبل الميلاد ؟
2017-01-17

ترجمة

عندما نطالع تاريخ العلوم والإكتشافات العلميّة، غالباً ما نشعر برهبة تجاه جبروت وقدرة تلك العقول التي ترى في العالم أكثر ممّا نرى، وتلحظ في تقلّبات الظّواهر الطّبيعيّة أنماطاً مذهلة بإمكاننا دراستها وبناء استنتاجات صلبة على أساسها. هذا الإحساس غالباً ما يُصاحب كلّ من اطّلع على قصّة عالم الرّياضيّات الإغريقيّ إيراتوسثينيس، أوّل من وضع تقديراً حسابيًّا دقيقاً لحجم الكرة الأرضيّة في القرن الثّالث قبل الميلاد.

إنجاز إيراتوسثينيس الإستثنائيّ غالباً ما يأتي كصدمة، خصوصاً عند من تأثّروا بالرّواية التّاريخيّة التي تحاول إيهامنا بأنّ علماء العالم القديم وفلاسفة القرون الوسطى كانوا مجمعون على أنّ الأرض مسطّحة الشّكل. ولكن في الواقع، كرويّة الأرض كانت حقيقة مثبتة عند غالبيّة طبقة المتعلّمين في العالم القديم، كأمثال فيثاغورس، بارمينيديس، وأرسطو.

الآن، كيف استطاع إيراتوسثينيس في القرن الثّالث قبل الميلاد أن يقدّر حجم الكرة الأرضيّة؟ ما هي الأدوات والمشاهدات التي اعتمد عليها ليحقّق هذا الإنجاز الإستثنائيّ؟

لقد عاش إيراتوسثينيس في الإسكندريّة، المدينة التي بناها الإسكندر الأكبر قبل ذلك بقرنٍ من الزّمن بهدف أن تكون مركزاً للحضارة الهيلينيّة وحلقة وصل بين مصر واليونان. وفي الإسكندريّة، قام إيراتوسثينيس بقياس طول الظلّ الذي ضربه أحد الأبراج المرتفعة في المدينة في يومٍ محدّد من السّنة يُعرَف علميًّا بفترة الإنقلاب الصّيفي (Summer Solstice)، وهو الوقت من السّنة الذي يصل فيه أحد نصفيّ الكرة الأرضيّة إلى نقطة الميلان الأعلى أو الأدنى، نسبة إلى الشّمس.
(في نصف الكرة الأرضيّة الشّمالي، فترة الإنقلاب الصّيفي تحدث بين 20 و22 يونيو – حزيران – من كلّ سنة).

واعتماداً على هذه القياسات، بالإضافة إلى بعض المعادلات الهندسيّة والدّراسة الدّقيقة للعلاقة بين الظلّ ومصدر الضّوء، استطاع إيراتوسثينيس أن يقدّر الزّاوية بين الشّمس والخطّ العمودي لسطح الأرض في منطقة الإسكندريّة (بحسب بعض المصادر، وجدَ أنّ الزّاوية تقارب الـ 7 درجات أو (1/50) من الدّائرة الكاملة).

بنفس الوقت، علمَ إيراتوسثينيس أنّ في نفس الفترة من السّنة في مدينة أسوان في الجنوب المصريّ تسقط أشعّة الشّمس هناك بشكلٍ عموديّ. إذا افترضنا أنّ الكرة الأرضيّة كرويّة تماماً، بإمكاننا إذاً أن نستنتج أنّ المسافة بين الإسكندريّة وأسوان تساوي (1/50) من المحيط الكلّي للكرة الأرضيّة. ولذلك، إذا أردنا أن نقدّر محيط الكرة الأرضيّة، كلّ ما علينا فعله هو أن نقدّر المسافة بين الإسكندريّة وأسوان، ونضرب العدد النّاتج بـ 50، أو كما توضّح المعادلة الآتية:

محيط الكرة الأرضيّة = المسافة بين الإسكندريّة وأسوان * 50

وحدات القياس التي اعتمدها إيراتوسثينيس للتّعبير عن المسافة بين الإسكندريّة وأسوان وبالتّالي عن محيط الكرة الأرضيّة كانت الإستاد (stadion)، وحدة القياس المعتبرة للمسافات البعيدة في تلك الفترة.

ولكنّ الإشكاليّة في وحدة القياس هذهِ أنّها متغيّرة عبر الزّمان والمكان، فالإستاد المصريّ القديم كان مختلفاً من حيث المبنى والطّول عن الإستاد الإغريقي. ولكن بأيّ حال، إذا اعتبرنا أنّ إيراتوسثينيس إستخدم الإستاد الإغريقي للتّعبير عن محيط الكرة الأرضيّة، فتقديره يختلف بنسبة 16% عن التّقدير المعتمد حالياً (وهو خطأ كبير بعض الشّيء، ولكن مقبول). وأمّا إذا إعتبرنا أنّ إيراتوسثينيس إستخدم الإستاد المصريّ للتّعبير عن محيط الكرة الأرضيّة، فتقديره يختلف بنسبة 1% فقط عن التّقدير المعتمد حاليًّا، نتيجة مذهلة!

المصدر : أنا أصدق العلم

   
   
2020-11-10  


لا يوجد تعليقات
 
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق
500حرف