مرحباً بك في مجلة العلوم والتكنولوجيا
نقدم لك رحلة فريدة إلى عالم الاكتشافات العلمية والابتكار التكنولوجي

نحن ملتزمون بتقديم محتوى جذاب ومثير يستكشف أحدث اكتشافات العلوم وتطورات التكنولوجيا. من خلال مقالاتنا، نهدف إلى تحفيز شغف التعلم وتوفير منصة لتبادل المعرفة. انضم إلينا في مهمتنا لفك رموز العلوم، واكتشاف عجائب التكنولوجيا، والمساهمة في مستقبل لا حدود له للابتكار.

heroImg



لماذا تشعر بأنك مشغول طوال الوقت مع أنك لست كذلك؟
2016-09-29

ترجمة

هناك مجموعة من الحقائق المتعلقة بالحياة المعاصرة تبدو أكثر رسوخاً من حقيقة إنشغال الناس بشكل دائم.

ففي أرجاء العالم الصناعي الذي نعيشه الآن، قالت أعداد كبيرة من الأشخاص الذين استطلعت آراؤهم لعدد من الباحثين إنهم مثقلون بأعباء العمل، على حساب الوقت الذي يفترض أن يقضوه مع العائلة والأصدقاء.

ومن المرجح أن أكثر الناس إنشغالاً لم يسألوا عن شعورهم ذلك، فحسب دراسة لعام 2014، كان أحد الأسباب الرئيسية لعدم مشاركة الناس في الاستطلاع الذي أعد في هذا الإطار أنهم يشعرون بأنهم مشغولون للغاية.

يمكنك الافتراض أن التفسير كان واضحاً: نشعر بأننا مشغولون هذه الأيام لأن علينا إنجاز أعمال كثيرة. لكنك قد تكون مخطئاً. فالوقت الذي يقضيه الناس في العمل سواء كان عملاً مدفوع الأجر أو غير ذلك، لم يشهد زيادة في أوروبا وأمريكا الشمالية خلال العقود الأخيرة.

الآباء والأمهات الذين يشعرون بالقلق من عدم قضائهم وقتاً كافياً مع أطفالهم يقضون في الواقع وقتاً أطول معهم مما كان يقضيه من سبقوهم في الأجيال الماضية.


ما الذي يجري يا ترى؟ جزء من الإجابة هو الاقتصاديات البسيطة. فعندما نمت الاقتصادات، وزاد دخل الفئات الميسورة مع مرور الوقت، بات الوقت أكثر قيمة.

فأي ساعة باتت قيمتها تساوي أكثر، لذا فإننا نواجه ضغطاً أكبر لنقوم بأعمال أكثر خلال مساحة أقل من الوقت. لكن ذلك أيضاً ناتج عن طبيعة العمل الذي يقوم به كل واحد منا.

في العصور الماضية، التي ساد فيها العمل في مجالات الزراعة أو التصنيع، كان العمل منهكاً من الناحية الجسدية، لكنه كان يتم وفق حدود معينة.

فلا يمكنك حصاد المحصول قبل أن ينضج، ولا يمكنك إنتاج المزيد من المصنوعات إلا في حدود توفر موادها الخام التي تصنع منها.

لكن في العصر الذي يطلق عليه استشاري الإدارة بيتر دراكر "العمل المعرفي"، تغير كل ذلك. فنحن نعيش في "عالم بلا حدود" كما يقول توني كرابي مؤلف كتاب "مشغول: كيف تزدهر في عالم مبالغ فيه".

هناك أيضاً المزيد من رسائل البريد الإلكتروني الواردة، والمزيد من الاجتماعات، وأشياء أكثر تحتاج للقراءة، وأفكار أكثر تحتاج للمتابعة، وتكنولوجيا الموبايل الرقمي تعني أنك تستطيع بسهولة أن تضع قائمة من الأشياء لتفعلها في البيت، أو أثناء الإجازة، أو أثناء ممارستك للرياضية.

نتيجة ذلك حتماً هو الشعور بأنك غارق في المهام وليس لديك متسع من الوقت، فكلنا بشر محدودو الإمكانيات، لدينا طاقة محدودة، وقدرات محدودة، ونحاول القيام بكمية أعمال غير محدودة.

ونشعر بأننا مضغوطون اجتماعياً لننجز كل شيء سواء في العمل أو في البيت، لكن ذلك ليس صعباً فقط، لكنه مستحيل من الناحية الحسابية.

ولا عجب أننا نبقي أعيننا مفتوحة على الساعة نراقب مرور الدقائق مع شعورنا بضغط الوقت. لكن الأبحاث النفسية تظهر أن هذا النوع من الوعي بالوقت يقود عملياً إلى أداء أسوأ.

شعور مفزع ينتابك، يتمثل في أن إحساسك بأنك مشغول يجعلك مشغولاً حتى أكثر من ذي قبل.

الأسوأ من ذلك كله، هو أن هذه الحالة الذهنية تمتد لتؤثر على وقت فراغنا وراحتنا، بحيث أنه حتى عندما تتيح لنا الحياة فرصة ساعة أو اثنتين من الاستجمام، تجدنا نشعر بأن هذا الوقت ينبغي أن ينقضي "بطريقة منتجة" أيضاً.


في هذه الأيام، بات الانشغال هو المؤشر على المكانة العالية، حيث يقول جيرشاني: "ذوو المكانة العالية في مجتمعنا غالباً مشغولون جداً، وهذا ما ينبغي أن يكون. أنت تسألني: هل أنا مشغول وأنا أجيبك: أجل بالطبع أنا مشغول لأنني شخص مهم".

ولكي نرى كم هو عبثي تقييم النشاط الصرف بهذه الطريقة، خذ بعين الإعتبار حكاية رواها عالم السلوك الاقتصادي دان أريلي عن صانع أقفال قابله ذات مرة.

يقول أريلي: "في الأيام الأولى لممارسته هذه المهنة، لم يكن ماهراً كثيراً. فقد كان فتح أحد الأبواب يستغرق معه وقتاً طويلاً، وغالباً ما كان يلجأ إلى كسر القفل".

رغم ذلك كان الناس سعداء بدفع الأجرة له وزيادة عليها البقشيش. وعندما تحسن أداؤه من حيث الجودة والسرعة، اشتكى الناس من الأجرة، وتوقفوا عن دفع البقشيش.

لعلك تعتقد أنهم يقدرون تمكنهم من الدخول إلى منزلهم أو فتح أبواب سياراتهم بسرعة أكبر. لكن ما أرادوه في الواقع هو أن يروا صانع الأقفال يقضي وقتاً وجهداً أكثر في عمله حتى لو طال انتظارهم.

في أغلب الأوقات، يكون لنا موقف مماثل تجاه الآخرين، لكن فيما يتعلق بنا أنفسنا، ترانا نقيس قيمتنا ليس بالنتائج التي نحصل عليها، ولكن بكم الوقت الذي نقضيه في تحقيق تلك النتائج والإنجازات.

أقل ما يقال في ذلك أنه غير منطقي. ربما نتوقف لوقت طويل حتى ندرك ذلك، إذا لم نكن مشغولين جداً.

 

المصدر : BBC

   
   
 
الوسوم: ارهاق


لا يوجد تعليقات
 
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق
500حرف