مرحباً بك في مجلة العلوم والتكنولوجيا
نقدم لك رحلة فريدة إلى عالم الاكتشافات العلمية والابتكار التكنولوجي

نحن ملتزمون بتقديم محتوى جذاب ومثير يستكشف أحدث اكتشافات العلوم وتطورات التكنولوجيا. من خلال مقالاتنا، نهدف إلى تحفيز شغف التعلم وتوفير منصة لتبادل المعرفة. انضم إلينا في مهمتنا لفك رموز العلوم، واكتشاف عجائب التكنولوجيا، والمساهمة في مستقبل لا حدود له للابتكار.

heroImg



علماء يصنعون أجنّة بأجزاء بشرية وحيوانية للعلاج
2016-06-26

ترجمة

يحاول عددٌ من العلماء في الولايات المتحدة أن يعملوا شيئاً ربما يجده بعض الأشخاص مزعجاً: وهو صنع أجنةٍ جزءٌ منها إنسان وجزءٌ حيوان. ويأمل الباحثون أن هذه الأجنة المعروفة بالكيميرا (Chimeras)، ربما ستساعد أخيراً على إنقاذ حياة أشخاصٍ مصابين بنطاقٍ واسعٍ من الأمراض. وإحدى الطرق ستكون باستخدام الأجنة لصنع نماذج حيوانيةٍ أفضل لدراسة كيفية نشأة أمراض الإنسان وكيفية تطورها.

ربما يكون الأمل الأكثر جرأةً هو صنع حيوانات مزراع لديها أعضاء إنسانٍ يمكن أن تُزرع في المرضى الميؤوس من شفائهم. ولكن بعض العلماء والمتخصصين في علم الأخلاقيات الحيوية قلقون من أن صنع هذه الأجنة العابرة للأنواع يتعدى الحدود. يقول أستاذ أحياء الخلية والتشريح بكلية الطب بنيويورك ستوارت نيومان: “أعتقد أن هذا قد يُدمر إحساسنا بالإنسانية”.

تُعد هذه التجارب حساسةً جداً إلى درجة أن مؤسسة الصحة الوطنية الأمريكية فرضت إيقاف تمويلهم ريثما يُحقق المسؤولون في القضية الأخلاقية التي أثاروها. وعلى الرغم من ذلك، فإن عدداً صغيراً من الباحثين يتابعون العمل بتمويلٍ بديلٍ. ويأملون أن تُقنع النتائج مؤسسة الصحة الوطنية أن ترفع قرار إيقاف التمويل. ويقول المتخصص في الأحياء التناسلية في جامعة كالفورنيا بدافيس بابلو روس: “نحن لا نحاول صنع الكيميرا لمجرد أننا نريد أن نرى نوعاً من الكائنات المتوحشة”. ويضيف: “نحن نعمل هذا لأغراضٍ طبيةٍ وحيويةٍ”. ومن المتوقع أن تُعلن مؤسسة الصحة الوطنية قريباً عن خططها في التعامل مع طلبات التمويل.

وافق روس مؤخراً على أن يدعني أزور معمله لمشاهدةٍ استثنائيةٍ لبحثه. وأوضح روس خلال الزيارة كيف أنه يُحاول صنع بنكرياسٍ يمكن زراعته في مريضٍ مصابٍ بالسكريّ نظرياً. وتشمل الخطوة الأولى استخدام تقنيةٍ جديدةٍ لتعديل الجينات لإزالة الجينات التي يحتاجها جنين الخنزير لصنع البنكرياس. وعبر العمل تحت مجاهر تفصيليةٍ، يصنع روس ثقباً صغيراً في الغشاء الخارجيّ للجنين باستخدام الليزر. ليقوم بعد ذلك بحقن جزيءٍ مرُكّبٍ في المعمل لاستهداف وإزالة جين البنكرياس بالداخل. (في تجارب منفصلةٍ، قام بعمل ذلك لجنين خروف أيضاً).

بعد أن يُعّدل الحمض النووي للأجنّة بهذه الطريقة، يصنع روس ثقباً آخر في الغشاء حتى يتمكن من حقن خلايا جذعيةٍ إنسانيةٍ مُستحثةٍ متعددة القدرات في جنين الخنزير. وبشكلٍ شبيهٍ إلى الخلايا الإنسانية الجذعية الجنينية، فإن الخلايا الجذعية المُستحثة يمكن أن تتحول إلى أيّ نوعٍ من الخلايا أو الأنسجة في الجسم. حيث يأمل الباحثون أن الخلايا الجذعية الإنسانية ستستفيد من الفراغ في الجنين لتبدأ بتكوين بنكرياسٍ بشريٍ.

كما إن أيّ عضوٍ يصنعونه سيناسب المريض الذي يحتاج إلى زراعة العضو، وذلك لأن الخلايا الجذعية الإنسانية المستحثة يُمكن أن تُصنع من أيّ خلايا جلديةٍ بالغةٍ، مما يقلل بشكلٍ واسعٍ خطر رفض الجسم للعضو الجديد. لكن يتوجب على روس (الباحث) أن يضع أجنّة الكيميرا في رحم خنازير بالغةٍ حتى ينشأ الجنين ويكوّن عضواً. وهذا يشتمل على عمليةٍ جراحيةٍ تُنفذ في غرفة عملياتٍ كبيرةٍ موجودةٍ في الجانب الآخر من الشارع الذي يوجد فيه معمل روس.

في اليوم الذي فتح فيه روس معمله لي، كان هناك فريقٌ جراحيٌّ يقوم بتخدير أنثى خنزيرٍ بالغةٍ حتى يتمكن الجراحون من عمل جرحٍ للوصول إلى رحمها. ثم اندفع روس بعدها بِحقنةٍ خاصةٍ مُلئت بأجنّة الكيميرا، فحقن 25 جنيناً في كل جهةٍ من رحم الحيوان. واستغرقت العملية ساعةً تقريباً. كما كرر روس العملية على خنزيرٍ ثانٍ. وفي كل مرةٍ يقوم روس بهذا، فإنه ينتظر بعد ذلك لبضعة أسابيع ليسمح للأجنّة أن تنمو لتبلغ يومها الثامن والعشرين، وهو الوقت الذي تبدأ فيه التراكيب الأولية كالأعضاء بالتكوّن.

يسترجع روس أجنّة الكيميرا بعد ذلك ليقوم بتشريحهم حتى يرى عمل الخلايا الجذعية الإنسانية بالداخل. حيث يفحص روس ما إذا كانت الخلايا الجذعية الإنسانية بدأت بتكوين بنكرياسٍ، وما إذا كانت قد بدأت بتكوين أيّ نوعٍ آخر من الأنسجة.

إن الغموض هو جزءٌ مما يجعل العمل جدلياً جداً. فلا روس ولا العلماء الآخرون الذين يجرون هذه التجارب يستطيعون أن يعرفوا على وجه الدقة أين ستذهب الخلايا الجذعية الإنسانية. إذ يأمل روس أن تنمو هذه الخلايا الجذعية لتصبح بنكرياساً بشرياً فقط. ولكنها قد تذهب إلى مكانٍ آخر، إلى الدماغ مثلاً. ويقول نيومان: “إذا كان لديك خنازيرٌ بأدمغةٍ إنسانيةٍ جزئياً فقد يكون لديك حيواناتٌ تملك واقعاً وعياً مثل الإنسان”. ويضيف: “يمكن أن يكون لدى هذه الحيوانات حاجاتٌ من نوع حاجات الإنسان. في الحقيقة نحن لا نعرف”.

هذه الاحتمالية تثير أسئلةً جديدةً حول أخلاقيات استخدام الحيوانات في التجارب. ومسألةٌ أخرى مهمةٌ هي أن الخلايا الجذعية قد تكوّن حيواناً منوياً بشرياً أو بويضةً بشريةً في الكيميرا. ويقول نيومان: “إذا تزاوج ذكرٌ من خنزير الكيميرا مع أنثى من خنزير الكيميرا فقد يكون الناتج جنين إنسانٍ ينشأ في رحم أنثى الكيميرا هذه”. واحتماليةٌ أخرى هي أن هذه الحيوانات ربما تلد نوعاً من الكائنات جزءٌ منها إنسانٌ وجزءٌ خنزيرٌ.

يقول المتخصصٌ في علم الأخلاقيات الحيوية بجامعة ولاية أريزونا جاسون روبيرت: “أحد المخاوف الموجودة لدى كثيرٍ من الأشخاص هو أن هناك شيءٌ مقدسٌ حول ما يعنيه أن تكون إنساناً، بالتعبير في حمضنا النوويّ”. ويضيف: “ولذا فإن إدخال هذا الشيء إلى حيواناتٍ أخرى واحتمال إعطاء هذه الحيوانات الأخرى بعض القدرات الإنسانية يُمكن أن يكون نوعاً من الانتهاك وخرق الحرمة، وربما يكون أيضاً لعبٌ لدور الإله”. يدافع روس عما يعنيه عمله بقوله: “أنا لا أعتبر أننا نلعب دور الإله أو حتى نقترب من ذلك”. ويضيف: “نحن نحاول فقط أن نستخدم التقنيات التي طورناها لتحسين حياة الناس”.

إلا أن روس يُقّر بالمخاوف. ولذا فإنه يتحرك بحذرٍ شديدٍ كما يقول. على سبيل المثال، إنه يترك أجنّة الكيميرا تنمو فقط لـ 28 يوماً. ثم يزيل روس الأجنة ويقوم بتشريحها عند هذه النقطة. فلو اكتشف روس أن الخلايا الجذعية ستذهب إلى الأماكن الخطأ في الأجنّة، فإنه عندئذٍ يتخذ خطواتٍ لمنع هذا من الحصول كما يقول. وبالإضافة إلى ذلك، يقول روس أنه سيضمن أن تزاوج الكيميرا البالغين لن يكون مسموحاً به إطلاقاً.

يقول روس: “نحن مدركون جداً وحساسون للقضايا الأخلاقية”. ويضيف: “أحد الأسباب التي تجعلنا نقوم بهذا البحث بالطريقة التي نعمله بها هي أننا نريد أن نقدم معلوماتٍ علميةً لإشعار من يحملون هذه المخاوف”. ويعمل روس مع جوان كارلوس ازبيسوا بيلمونتي من معهد ستالك للدراسات الحيوية في لاهويا بكاليفورنيا، وهيروميتسو ناكاوشي من جامعة ستانفورد. كما يجري دانيال جاري من جامعة مينيسوتا وزملاؤه عملاً مشابهاً. ويُموَّل البحث بشكلٍ جزئيٍّ بواسطة وزارة الدفاع الأمريكية ومعهد كالفورنيا لطب التجديد.


 

المصدر: npr

ترجمة موقع السعودي العلمي


 

   
   
 
الوسوم: معدل - وراثي - جنين - تجارب


لا يوجد تعليقات
 
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق
500حرف