هل الجاذبية هي قوة؟
ربما قد تكونون سمعتم أن الجاذبية ليست قوة، وهذا صحيح، فالجاذبية ليست قوة، ومع ذلك تحثنا هذه الحقيقة على التساؤل.
على سبيل المثال، عادةً ما يقال لنا إن الجاذبية "تسحب" الأجسام نحو الجسم الضخم، ومن المعلوم أنه عند تدريس الفيزياء - خاصةً في الصفوف التمهيدية - يشير بعض المعلمين وبعض الكتب المدرسية إلى أن "جاذبية الأرض تسحب الأجسام باتجاه مركز الكوكب."
ولكن كيف يمكن أن يكون هذا؟ بالتأكيد يجب أن تكون الجاذبية قوة لتسحب الأجسام، أليس كذلك؟
لنبدأ الإجابة عن هذه الأسئلة، علينا أولاً أن نفهم أن "التسارع" هو المصطلح المناسب، وليس "السحب"، وفي الحقيقة إن الجاذبية لا "تسحب" الأجسام على الإطلاق، بل تتسبب الجاذبية باعوجاج الزمكان مما يدفع الأجسام إلى اتباع هذه الانحناءات التي تم إنشاؤها، ونتيجة لذلك فإنها تجعل الأجسام تتسارع في بعض الأحيان.
نقدم لكم النسيج المطاطي
للخوض في الأمر بشكل أكثر عمقاً - وذلك بفضل نظريات ألبرت آينشتاين النسبية- نحن نعلم أن الطاقة تملي كيفية انحناء الزمكان، وفي هذه الحالة الكتلة عموماً هي أهم جزء من المعادلة، أي إن طاقة كتلة الجسم هي ما يلوي الزمكان.
باختصار، الكتلة تتسبب في انحناء الزمكان، وهذه الانحناءات تملي كيفية تحرك الطاقة، وفي هذا الصدد من الأفضل أن نفكر في الجاذبية تماماً كأنها نسيج مطاطي ينحني نتيجةً لكتلة كرة بولينج، لذلك تلوي الأجسام ذات الكتلة العالية الزمكان.
تمشي الأجسام عبر مسارات انحناء الزمكان تماماً مثل السيارة التي تسافر على طريق له العديد من المنعطفات والالتواءات، وكذلك تخلق الأجسام ذات الكتل الهائلة انحناءات بالغة في الزمكان تؤدي إلى تسارع هائل للأجسام التي تدخل في نطاق هذه ال"آبار الجاذبية العميقة"، تماماً كسيارة تسرع أثناء سيرها أسفل تل.
وكمعلومة على الهامش، يطلق على هذه المسارات - التي تتبعها الأجسام في الزمكان - "الجيوديسي".
لفهم أفضل لكيفية عمل الجاذبية وقدرتها على تسريع الأجسام، لنأخذ على سبيل المثال الأرض والقمر، فالأرض جسم هائل إلى حد ما.
على الأقل مقارنة بالقمر، ولذلك يتسبب كوكبنا في انحناء كبير نسبياً في الزمكان، ويدور القمر حول كوكبنا بسبب اعوجاج الزمكان الناتج من كتلة الأرض.
وبالتالي فإن القمر يتحرك عبر مسار المنحنى – الانحناء – الذي أحدثه كوكبنا، وفي هذا الصدد لا يشعر القمر بأي قوة مؤثرة عليه، بل إنه يتبع مساراً معيناً فحسب.
ولكن لماذا لا تسقط كل الكويكبات والنيازك التي تمر على كوكبنا في مداره؟
في نهاية المطاف يعتمد المسار الذي يأخذه أي جسم على عدد من العوامل، مثل السرعة، واتجاه المسار، وكتلة الأجسام المتعلقة به، ولهذا السبب في كل يوم هناك عدد كبير من المذنبات والكويكبات التي تمر بالقرب من كوكبنا دون أن تسقط في مداره، وبالمثل فإن عدداً كبيراً من الأجسام يتم التقاطها بواسطة الأرض ويتم سحبها إلى سطح كوكبنا، والبعض الآخر قد يدور حول الكوكب لبعض الوقت.
تعتمد النتيجة على العوامل المذكورة سابقاً.
إذا كنتم تريدون أن تعرفوا المزيد عن العلاقة بين الجاذبية والمسار الذي سيتبعه الجسم، يمكنكم التحقق من هذا المصدر، إنه نقطة انطلاق جيدة للتحقق من بعض الرياضيات المتعلقة بالمفاهيم المذكورة أعلاه.
المصدر: فيوتشريزم