تُعدُّ الهمزة من أكثر الحروف العربية إثارةً للجدل في قواعد الإملاء، لكثرة ما يقع فيها من أخطاء حتى من بعض الكُتّاب والدارسين. ويرجع ذلك إلى ما تتميّز به الهمزة من تعدّد مواضعها وتنوّع حركاتها، وارتباط رسمها بحركة ما قبلها وما عليها من حركة. ومن هنا تأتي أهمية إتقان قواعد كتابتها؛ فالرسم الصحيح للهمزة لا يحفظ جمالية الكتابة فقط، بل يُجنّب التباس المعنى ويُظهر دقة الفكر.

أولاً: أنواع الهمزة من حيث الموقع

1. الهمزة في أول الكلمة (الهمزة الابتدائية)

وتنقسم إلى:

• همزة قطع (أ): تظهر في النطق والكتابة، وتكون في معظم الأسماء والأفعال والحروف.
  أمثلة: أحمد، إذا، أَخذ، أُمّ.

• همزة وصل (ا): تُكتب ولا تُنطق عند الوصل، وتكون في بعض الأسماء (مثل: ابن، اسم)، وفي الأفعال الخماسية والسداسية (مثل: اِستغفر، اِنطلق)، وفي "أل" التعريف (الكتاب، المدرسة).

قاعدة التمييز بينهما شفويّاً:
أضِف حرفاً قبل الكلمة (مثل "فـ" أو "و"):

• إذا نُطقت الهمزة بعده، فهي همزة قطع: وأحمد

• وإذا لم تُنطق، فهي همزة وصل: واستغفر

2. الهمزة في وسط الكلمة (الهمزة المتوسطة)

قواعدها تعتمد على أقوى الحركتين: حركة الهمزة وحركة الحرف قبلها.
ترتيب قوة الحركات:

الكسرة (أقوى) > الضمة > الفتحة > السكون

ويُرسم الحرف المناسب بناءً على أقوى حركة، كالتالي:

أمثلة صحيحة:

• سُئِل: الحرف قبل الهمزة مضموم، والهمزة مكسورة ← الكسرة أقوى ← تُكتب على ياء: سُئِل.

• مؤمن: الحرف قبل الهمزة ساكن، والهمزة مضمومة ← الضمة أقوى ← تُكتب على واو: مؤمن.

• سَأَلَ: الحرف قبل الهمزة مفتوح، والهمزة مفتوحة ← تُكتب على ألف: سَأَلَ.

• يَأْكُل: الهمزة ساكنة، وما قبلها مفتوح ← تُكتب على ألف: يَأْكُل.

3. الهمزة في آخر الكلمة (الهمزة المتطرفة)

قاعدة كتابتها أبسط: تُكتب الهمزة بناءً على حركة الحرف الذي يسبقها فقط.

ثانياً: أخطاء شائعة في كتابة الهمزة

1. كتابة "مسؤول" بشكل خاطئ

الخطأ الشائع:

❌ مسئول (على نبرة)

والصحيح:

✅ مسؤول (على واو)

السبب:
الهمزة مضمومة، وما قبلها ساكن (السين)، والضمة أقوى ← تُكتب على واو.

2. حذف همزة القطع من الكلمات

الخطأ الشائع:

❌ اسماء، انسان، اذا

والصحيح:

✅ أسماء، إنسان، إذا

لأنها أسماء تبدأ بهمزة قطع، يجب أن تُكتب وتُنطق.

3. الخلط بين الهمزة المتوسطة والمتطرفة

مثال:

❌ مبدء
✅ مبدأ

الهمزة متطرفة، وما قبلها مفتوح ← تُكتب على ألف.

خاتمة

رغم ما يبدو من تعقيدٍ في قواعد كتابة الهمزة، فإنها تخضع لمنطق دقيق قائم على المقارنة بين الحركات. وكلما تدرب الكاتب عليها، سهل عليه تطبيقها بسلاسة دون تردّد. إن سلامة الهمزة ليست مسألة تجميلية فحسب، بل هي جزء من أمانة التعبير والكتابة في اللغة العربية، وحارسٌ لمعانيها من الالتباس والضياع.