أساليب الاغتيالات لدى أجهزة الاستخبارات العالمية
2025-01-02

ترجمة

 

الاغتيال السياسي أو الأمني ليس مجرد عملية تصفية جسدية، بل هو جزء من استراتيجيات أكبر تُنفذها أجهزة المخابرات حول العالم لتحقيق أهداف سياسية، أمنية، أو حتى اقتصادية. تختلف أساليب الاغتيالات باختلاف الدول وأجهزتها الاستخباراتية، حيث يعتمد كل جهاز على تقنيات وأدوات تتناسب مع طبيعة المهمة، البيئة الجغرافية، والهدف المستهدف. 

 

تستخدم بعض أجهزة الاستخبارات العالمية مواد سامة لا تترك آثاراً ظاهرية لعدة أغراض. غالباً ما تكون هذه المواد مركبات كيميائية أو سموم بيولوجية تتسم بقدرتها على التأثير في الجسم دون أن تترك أي دليل واضح على التسمم. من بين المواد السامة التي قد تندرج تحت هذه الفئة:

  1. السموم العصبية (مثل السارين أو VX): هذه المواد تؤثر على الجهاز العصبي ويمكن أن تكون مميتة في جرعات صغيرة جداً، ولا تترك عادة أي آثار ظاهرة بعد الوفاة، مما يجعلها سامة جداً ولكن دون إشارات مرئية مباشرة.

  2. السموم البيولوجية: مثل بكتيريا البوتولينوم أو مادة ريسين، التي يمكن أن تؤثر على الجسم من خلال التأثيرات البيولوجية الدقيقة ولا تترك عادة أثاراً واضحة إلا في الحالات المتقدمة.

  3. المواد السامة بطيئة التأثير: مثل معدن الثاليوم الذي لا طعم له ولا رائحة، ومثل الزرنيخ والرصاص والديوكسين، التي تعمل على تعطيل جهاز المناعة أو تدمير الأنسجة بشكل تدريجي، مما يجعلها غير ملحوظة للضحية في البداية، وقد تظهر الأعراض فقط بعد فترة طويلة.

  4. المواد السامة القابلة للتحلل السريع: مثل معدن البولونيوم المشع، ومثل السيانيد والنيكوتين بجرعات عالية ومثل المركبات العضوية الفوسفورية. هذه المواد التي تختفي آثارها بسرعة بعد أن تتفاعل مع الجسم، مما يجعل تحديد مصدر السم صعباً.

 

في هذا المقال نُسلط الضوء على أبرز الأساليب التي تستخدمها أجهزة المخابرات العالمية، مع التركيز على الأجهزة الأكثر شهرة، بما في ذلك المخابرات الروسية.

 


1. المخابرات الروسية (FSB وGRU)

تُعتبر المخابرات الروسية من أكثر الأجهزة براعة في تنفيذ عمليات الاغتيال السرية، حيث تستخدم تقنيات معقدة وأحياناً مواد نادرة لجعل الاغتيال يبدو كحادث طبيعي أو وفاة طبيعية. أبرز أساليبها:

التسميم: أمثلة شهيرة: 

  • ألكسندر ليتفينينكو (2006): تم اغتيال هذا الجاسوس باستخدام مادة البولونيوم-210 المشعة، وهي مادة نادرة وشديدة السمية.
  • سيرغي سكريبال وابنته (2018): تعرض الجاسوس سيرغي مع ابنته للتسميم بالسم العصبي المعروف بإسم نوفيتشوك، وهو غاز أعصاب قوي تم تطويره خلال الحقبة السوفييتية.

الحوادث المدبرة:

  • تنظيم حوادث سيارات أو سقوط طائرات لإخفاء أي أدلة تشير إلى تورط المخابرات.

الأسلحة البيولوجية والكيميائية:

  • تستخدم روسيا غازات الأعصاب أو السموم في عملياتها لضمان القضاء السريع على الهدف مع صعوبة تتبع المصدر.

 


2. وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)

تمتلك وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تاريخاً حافلاً بتنفيذ عمليات اغتيال سرية في مختلف أنحاء العالم، خاصة خلال الحرب الباردة. تتنوع أساليبها بين التكنولوجيا المتطورة واستخدام العملاء المحليين.

الطائرات المُسيّرة (Drones):

  • تُستخدم الطائرات المُسيّرة لضرب الأهداف بدقة في مناطق النزاع، مثل عمليات تصفية قيادات تنظيم القاعدة في الشرق الأوسط.

الاغتيالات النفسية والاجتماعية:

  • التشهير وإفقاد الهدف مصداقيته لتدمير حياته المهنية أو السياسية دون الحاجة لتصفيته جسدياً.

الأسلحة المُصغرة:

  • تطوير أسلحة صغيرة وغير قابلة للكشف، مثل المسدسات المزودة بكواتم صوت دقيقة.

 


3. الموساد الإسرائيلي

يُعرف الموساد بقدرته الفائقة على تنفيذ عمليات دقيقة خارج حدود إسرائيل. يعتمد الموساد على التخطيط طويل المدى والشبكات السرية لتنفيذ اغتيالات تستهدف أعداء إسرائيل.

الاغتيال باستخدام السموم:

  • يُعتبر تسميم القيادات الفلسطينية أحد أبرز أساليب الموساد.

التفجيرات المستهدفة:

  • استخدام عبوات ناسفة دقيقة تُزرع في سيارات أو منازل الأهداف.

 


4. الاستخبارات البريطانية (MI6)

تعتمد المخابرات البريطانية أساليب أكثر تحفظاً مقارنة بأجهزة أخرى، لكنها اشتهرت خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة بعملياتها.

الأدوية والمواد الكيميائية:

  • استخدام مواد كيميائية لإحداث أزمات صحية تبدو طبيعية.

التكنولوجيا المتقدمة:

  • أدوات تجسس متطورة تُستخدم لشل حركة الهدف أو تسهيل اغتياله.

 


5. الاستخبارات الصينية (MSS)

تركز الصين بشكل كبير على الاغتيالات بالسموم التقليدية.

 


الخلاصة

الاغتيالات التي تُنفذها أجهزة المخابرات ليست مجرد عمليات فردية، بل هي جزء من استراتيجيات دولية معقدة تهدف إلى حماية الأمن القومي وتحقيق المصالح السياسية والاقتصادية. وعلى الرغم من تطور الأساليب والتقنيات، يبقى الهدف الأساسي هو تحقيق الأثر المطلوب بأقل قدر من الأدلة والضجيج الإعلامي. مع ذلك، فإن استخدام هذه الأساليب يثير تساؤلات أخلاقية وسياسية حول حدود القوة والصراع على النفوذ في العالم.

 

 

 

   
   
2025-01-05  


لا يوجد تعليقات
الاسم:
البريد الالكتروني:
التعليق:
500حرف