التقنية الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي تحمل في طياتها العديد من الفرص الرائعة لتحسين القطاع الطبي، ومن أبرز هذه التطورات نجد إصدار نسخة GPT-4 من مايكروسوفت التي أظهرت قدرات فائقة في تفسير الصور الطبية الشعاعية قد تتجاوز أخصائي الأشعة البشريين في بعض جوانب تفسير الصور الشعاعية البسيطة (Simple X-Ray) وصور الرنين المغناطيسي. إن هذه الابتكارات تعتبر بمثابة طفرة هائلة في مجال الأشعة وقد تكون الحل الطموح لمشكلة نقص أخصائيي الأشعة في العديد من البلدان.
التحدي الكبير الذي يواجه القطاع الصحي، خاصة في البلدان ذات الكثافة السكانية العالية مثل الهند، هو نقص كبير في عدد أخصائيي الأشعة مقارنة بالطلب المتزايد. ومن هنا جاء البحث الذي قدمته مايكروسوفت ليسلط الضوء على كيفية تقديم GPT-4 حلاً جذرياً لهذه المشكلة، حيث يقدم النموذج قدرات استثنائية في معالجة وفهم الصور الطبية المتنوعة من الأشعة السينية إلى التصوير بالرنين المغناطيسي.
ما يميز GPT-4 هو قدرته الفائقة في إنشاء ملخصات تفوق في بعض الأحيان تلك التي يقوم بها الأطباء، حيث أظهر النموذج الذي تم تطويره بالتعاون مع Nuance للرعاية الصحية تحسيناً بنسبة تصل إلى 10% عن النماذج الحالية. تطبيقات مثل PowerScribe Smart Impression تستفيد من هذه التقنية الجديدة لتسهيل عملية كتابة التقارير الطبية.
دمج GPT Vision في GPT-4 جعله نموذجاً متعدد الوسائط، مما يمكنه من تحليل الصور الشعاعية بطريقة أكثر دقة واستيعاباً. يمكن لأخصائيي الأشعة الآن الاعتماد على هذا النموذج لمساعدتهم في فحص وتحليل تقارير الأشعة، إذ يقدم ملخصات سريعة واقتراحات للعلاجات المحتملة، مما يُسهم في تنظيم سجلات المرضى وتحسين الكفاءة في عمليات البحث والتجارب الطبية.
على الرغم من التقدم الكبير الذي قدمه GPT-4 في مجال الرعاية الصحية، فإنه لا يمكن اعتباره بديلاً للطبيب أو العنصر البشري. فالتحقق من النتائج الناتجة عن الذكاء الاصطناعي يتطلب دائماً تدخلاً بشرياً للتأكد من عدم وجود أخطاء أو تحيزات. إن GPT-4 يعد تقدماً هائلاً ولكنه لا يزال بحاجة إلى التدخل والتقييم البشري.
بشكلٍ عام، يمثل GPT-4 نقلة نوعية في مجال الطب والرعاية الصحية، إذ يقدم حلاً فعّالاً لمشكلة نقص أخصائيي الأشعة ويحسن كفاءة الرعاية الصحية، مع الحفاظ على الضرورة الأساسية للتدخل البشري في هذا المجال الحيوي.