كشفت دراسة جديدة عن إمكانية تفاعل العديد من أنواع الأشجار والنباتات مع بعضها البعض للتحذير من المخاطر المحتملة، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وأظهرت الدراسة أن النباتات المصابة بالآفات تنتج مركبات كيميائية خاصة يمكن أن تنتقل إلى الأنسجة الصحية للنباتات وتحفز نظام الدفاع داخل خلاياها.
ووفقاً للباحثين الذين نشروا هذه الدراسة في مجلة "Nature Communications" مؤخراً، فإن الفهم الأفضل لهذه الآلية يمكن أن يساعد العلماء والمزارعين في تقوية نباتاتهم ضد هجمات الحشرات أو الظروف البيئية الضارة مثل الجفاف قبل حدوثها.
تعتبر هذه الدراسة الأولى التي تكشف عن آلية التواصل بين النباتات لإصدار تحذيرات من التهديدات مثل الآفات والبيئة الجافة. بدأت هذه الأبحاث على توجيه الضوء نحو "تواصل النباتات" في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما قام علماء البيئة بوضع يرقات وديدان على أغصان أشجار الصفصاف لفحص تفاعل الأشجار.
أظهرت الأشجار تحولاً في إنتاج مركبات كيميائية تجعل أوراقها غير جاذبة للحشرات. وعلى مر العقود، لوحظ تواجد هذا النوع من التواصل في أكثر من 30 نوعاً من النباتات. يشمل ذلك أنواعاً مثل فول الليما والتبغ والطماطم والمريمية.
بالرغم من عدم وجود أعين أو آذان للنباتات، فقد تمتلك هذه الكائنات الخضراء القدرة على التواصل مع بيئتها عبر إطلاق مواد كيميائية تسمى "المركبات العضوية المتطايرة". وكما يمكن للنباتات الإنتاج المستهدف لهذه المركبات لأغراض متنوعة مثل جذب الملقحات أو صد الحشرات الضارة.
في هذه الدراسة الجديدة، أثبت الباحثون أن بعض هذه المركبات تؤثر في زيادة مستويات أيونات الكالسيوم داخل خلايا النبات. يُعتقد أن إشارات الكالسيوم تلعب دوراً مهماً في إرسال رسائل إلى خلايا النبات لغلق أوراقها أو الدفاع ضد الحشرات والآفات. هذه الزيادة في إشارات الكالسيوم تعمل على تنشيط دفاعات النبات وتحفزه على إنتاج مركبات معينة للحماية. على سبيل المثال، يمكن للنبات أن ينتج بروتينات تجعل الحشرات تعاني من الإسهال بمجرد مضغها.
فوائد هذا الاكتشاف متعددة. يمكن استخدام هذا الفهم الجديد لتعزيز دفاعات النباتات ضد التهديدات المحتملة قبل حدوثها، مما يمكن تصوره كما لو أن النبات يتلقى لقاحاً مسبقاً. بمعنى آخر، يمكن تعزيز دفاعات النباتات السليمة من خلال تعريضها لنباتات مصابة بالآفات أو بالمركبات المتطايرة ذات الأوراق الخضراء المتصلة بها، مما يقلل من الحاجة إلى استخدام المبيدات الحشرية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد هذا الاكتشاف في جعل النباتات أكثر مقاومة أثناء فترات الجفاف، مما يشير إلى أن النباتات قد تحتفظ بمزيد من الماء. هذا الاكتشاف يمثل خطوة هامة نحو فهم أعمق للتفاعلات النباتية وقد يساهم في تحسين الزراعة والمحافظة على البيئة.