أظهرت دراسة أمريكية حديثة أن العمل من المنزل قد أثّر سلباً على مشاعر العديد من الموظفين، حيث يعاني الكثيرون منهم من "نوبات حنين إلى الماضي"، ويتوقون إلى فترة ما قبل انتشار جائحة "كوفيد-19" التي كانت تتميز بالاستقرار والعلاقات الاجتماعية في بيئات العمل التقليدية. وأشارت الدراسة التي أجرتها مجموعة من الباحثين من جامعات أمريكية، إلى أن هناك صعوبات يواجهها المديرون في التعامل مع فرق العمل المشتتة، وهو ما دفع العديد من الرؤساء التنفيذيين لمحاولة إعادة الموظفين إلى المكاتب.
وركزت الدراسة على فكرة أن الحنين إلى الماضي لا يتعلق فقط بالتغيير الجسدي لمكان العمل، بل يعكس قضايا ثقافية أعمق في المنظمات. أوضح كيفن روكمان، أستاذ الإدارة وأحد القائمين على البحث، أن هذا الحنين يترجم إلى شعور بفقدان الاستقرار والارتباط بزملاء العمل، وهو ما يعكس حالة من عدم الرضا بين الموظفين الذين يعملون عن بُعد.
الدراسة التي ساهمت فيها باحثات من جامعات "روتغرز" و"بابسون"، رصدت مشاعر الحنين وتأثيراتها على الموظفين من خلال استطلاعات يومية أجريت على مدى أسبوعين في عام 2020، خلال ذروة الجائحة. أقرّت الغالبية العظمى من المشاركين (98 من 110) بأنهم يشتاقون إلى الحياة قبل الوباء، وكان من أبرز طرق التأقلم مع هذا الحنين استخدام استراتيجيات "التغيير المعرفي" لتنظيم المشاعر وتغيير منظورهم للعمل، وهو ما ساعد البعض على إعادة التواصل مع زملائهم.
ولكن من جانب آخر، كشفت الدراسة عن جانب مظلم، حيث لم يتمكن البعض من التعامل مع هذه المشاعر بشكل صحي، مما دفعهم إلى الانطواء وتجنب التواصل، مما أدى إلى سلوكيات غير منتجة في العمل.
يشير الباحثون إلى أن مشاعر الحنين هذه لا تزال ذات صلة حتى بعد مرور سنوات على الجائحة، حيث لا تزال الشكاوى حول العزلة ونقص التواصل الجماعي شائعة بين العاملين عن بُعد في عام 2024. وأكد روكمان أن الوباء سرّع من تحول العمل عن بُعد، وهو ما جعل البعض يشعرون بالحنين إلى الماضي حتى دون أن يكون الوباء هو السبب المباشر.
أما فيما يتعلق بحل هذه المشكلة، فإن الباحثين يرون أن الحل قد يكمن في إعادة تهيئة ثقافة العمل وتوفير دعم عاطفي أكبر للموظفين. قد يكون من الضروري أن يتفاعل المديرون بشكل أعمق مع موظفيهم، وأن يطرحوا عليهم أسئلة حول ما يفتقدونه من تجارب العمل السابقة، ويساعدونهم على التكيف مع التغيرات الكبيرة في بيئة العمل.