في عام 2008، أكدت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" وجود ماء متجمد على سطح المريخ لأول مرة عندما هبط المسبار الفضائي "فينيكس" في السهول الشمالية "فاستيتاس بورياليس" بالقرب من القطب الشمالي. ومنذ ذلك الحين، أُرسلت العديد من المهام الفضائية لقياس كمية الماء المتجمد، وكشفت عن كميات هائلة من الجليد المائي في المناطق القطبية.
إلا أن المناطق الاستوائية ظلت قاحلة وخالية من أي آثار للماء، حتى كشفت دراسة حديثة عن وجود صقيع متجمد فوق القمم البركانية عند خط الاستواء، يمكن رؤيته فقط بعد الشروق بقليل قبل أن يتبخر مجدداً. وتقدر الدراسة أن هناك نحو 150 ألف طن من المياه تتحول بين حالتها الصلبة والبخارية يومياً، بين سطح المريخ والغلاف الجوي.
الحالة الجليدية على سطح المريخ
أمضى الباحثون سنوات طويلة في دراسة المناطق القطبية للمريخ، ووجدوا أن الجليد المائي يشكل جزءاً كبيراً من القطبين، كما لاحظوا أن الأغطية الجليدية تتغير مع تغير الفصول. خلال فصل الشتاء، تتجمد الغازات الجوية على السطح مكونة بقع جليدية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وعندما تشرق الشمس، يعود ثاني أكسيد الكربون إلى حالته الغازية.
وتعد رواسب ثاني أكسيد الكربون رقيقة نسبياً مقارنة بالجليد المائي، إذ يبلغ سمكها نحو متر عند القطب الشمالي، بينما يحتوي القطب الجنوبي على غطاء أكبر من هذه الرواسب بسمك يصل إلى 8 أمتار.
قاد فريق من علماء الكواكب بقيادة الدكتور "أدوماس فالنتيناس" من جامعة براون اكتشافاً غير مسبوق، حيث عثروا على طبقة مائية متجمدة فوق فوهات البراكين على هضبة "ثارسيس" البركانية، وكذلك على جبل "أوليمبوس" الذي يعد أعلى قمة في النظام الشمسي.
وعلق "فالنتيناس" على الاكتشاف قائلاً: "إنها المرة الأولى التي نكتشف فيها ماء متجمداً على قمم البراكين، وأول مرة نكتشف فيها ماء متجمداً في المناطق الاستوائية من المريخ. ربما ما نراه هو أثر لمناخ المريخ في الماضي".
اعتمد العلماء في هذا الاكتشاف على صور عالية الدقة من "نظام التصوير الملوّن والمجسم للسطح" المثبت على مسبار الفضاء "تريس غاز أوربيتر" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية. كما تحققوا من صحة الاكتشاف باستخدام آلة تصوير أخرى على متن مسبار الفضاء "مارس إكسبرس".
أثار هذا الاكتشاف دهشة العلماء، حيث عُثر على الماء المتجمد قرب خط الاستواء الذي يتمتع عادةً بظروف قاسية ومستويات عالية من الإشعاع الشمسي والغلاف الجوي الرقيق. وأظهر الاكتشاف أن الصقيع يبقى بعد شروق الشمس لبضع ساعات قبل أن يتبخر مجدداً ويختفي لبقية اليوم.
يتراكم الصقيع داخل فوهات البراكين، وهي تجاويف تشكلت بفعل ثوران البراكين سابقاً، ويُعتقد أن الظروف المناخية الاستثنائية في تلك الفوهات تسمح بتكوين طبقات من الصقيع الرقيق.