مجلة العلوم والتكنولوجيا
"نسخة الموبايل"
الرئيسية نسخة الكمبيوتر
علماء يكشفون الحد الأقصى لسرعة الدماغ البشري في معالجة الأفكار
2024-12-24  

 

 

 

في اكتشاف علمي حديث، تمكن الباحثون من تحديد الحد الأقصى لسرعة معالجة الدماغ للأفكار البشرية. ورغم أن أنظمة الحواس البشرية مثل العينين والأذنين والجلد والأنف تجمع بيانات عن بيئتنا بمعدل يصل إلى مليار بت في الثانية، فإن الدماغ يعالج هذه الإشارات بسرعة لا تتجاوز 10 بتات في الثانية، ما يجعلنا قادرين على التركيز على فكرة واحدة فقط في كل لحظة.

 

تناقض بين المدخلات والمعالجة

لفهم هذا التفاوت، يمكن مقارنة سرعة معالجة الدماغ بسرعة اتصال الواي فاي العادي، الذي يعالج حوالي 50 مليون بت في الثانية. وبينما يحتوي الدماغ البشري على أكثر من 85 مليار خلية عصبية، يشارك ثلثها في التفكير المعقد ويقع معظمها في منطقة القشرة الدماغية المتطورة، فإن سرعة معالجة الأفكار تظل محدودة للغاية. ويُقدَّر أن الدماغ يستخرج فقط 10 بتات من التريليونات التي تجمعها الحواس في كل لحظة.

 

التفكير البطيء: طبيعة بشرية

وفقاً للدراسة التي نُشرت في مجلة Neuron، تشير النتائج إلى أن البشر هم "مفكرون بطيئون" بطبيعتهم، وغير قادرين على معالجة عدة أفكار في وقت واحد. فعلى سبيل المثال، لاعب الشطرنج لا يستطيع استكشاف جميع التحركات الممكنة في نفس الوقت، بل يركز فقط على تسلسل واحد من التحركات.

وقد أوضح ماركوس ميستر، أحد مؤلفي الدراسة: "نحن نستخرج 10 بتات فقط من البيانات لنستخدمها في تصور العالم من حولنا واتخاذ القرارات". وهذا يثير تساؤلاً حول كيفية إدارة الدماغ لهذه الكميات الهائلة من البيانات وتصفية غير الضروري منها.

 

إرث تطوري

يرى العلماء أن هذا الحد الأقصى للسرعة قد يكون إرثاً من أقدم الكائنات الحية التي امتلكت جهازاً عصبياً بسيطاً. فقد كانت هذه الكائنات تعتمد على أدمغتها للتنقل نحو الطعام والابتعاد عن الحيوانات المفترسة. ويعتقد الباحثون أن أدمغة البشر تطورت من هذه الأنظمة البسيطة، لكنها احتفظت بقدرتها على اتباع مسار فكري واحد فقط في كل مرة، وهو ما ساعدها في البقاء.

 

التحدي البيئي والتطور التكنولوجي

تشير الدراسة إلى أن سرعة الدماغ تتناسب مع البيئة البطيئة التي عاش فيها أسلافنا، حيث كانت هذه السرعة كافية للبقاء. لكن مع التقدم التكنولوجي السريع، أصبحت الآلات قادرة على مضاعفة قدراتها بشكل مذهل، ما يثير التساؤلات حول قدرة البشر على مواكبة هذا التطور.

يمكن لهذا التطور التكنولوجي أن يجعل البشر يشبهون الحلزونات التي تجد صعوبة في التأقلم مع الطرق السريعة. وفي المستقبل، قد يتفوق الذكاء الاصطناعي والآلات على البشر في أداء العديد من المهام، مما يدفعنا إلى إعادة التفكير في دورنا في عالم تكنولوجي متقدم.

 

مستقبل التفاعل بين البشر والآلات

تثير هذه النتائج تساؤلات حول كيفية تعاملنا مع حدود معالجة الدماغ البشري في عصر التكنولوجيا المتسارع. فهل سيكون الحل هو دمج التكنولوجيا مع قدراتنا العقلية؟ أم أن البشر سيحتاجون إلى تطوير أساليب جديدة للتفاعل مع البيئة التكنولوجية؟

في النهاية، يظل الدماغ البشري آلة معقدة ومدهشة، ورغم حدوده، فإنه يمتلك قدرة استثنائية على الإبداع والتكيف. لكن هذه الحدود تفرض علينا التفكير بجدية في كيفية بناء مستقبل يوازن بين تطور التكنولوجيا واحتياجات الإنسان.

 


التعليقات  لا يوجد تعليقات
إضافة تعليق
     
الأسم  
البريد الإلكتروني  
التعليق  
الرئيسية
البحث والأرشيف
أقسام الموقع
الأكثر قراءة
القرأن الكريم
راديو
مكتبة الفيديو
مكتبة اليوتيوب
مكتبة الصوتيات
محول التاريخ الهجري
حاسبة العمر
صورة اليوم
من نحن
إتصل بنا
تابعنا