في قلب الوادي الأخضر بين جبال فيرجينيا، تشهد الأبحاث العلمية تقدماً مذهلاً قد يُحدث ثورة في مجال الطب. تعمل شركة "ريفيفيكور" على تطوير خنازير معدلة وراثياً لزرع أعضائها في البشر، في خطوة تستهدف حل مشكلة النقص الحاد في الأعضاء البشرية المتاحة للزراعة. هذه التقنية، المعروفة باسم الطعوم المغايرة (Xenotransplantation)، تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق نتائج غير مسبوقة.
تمثل خنازير "ريفيفيكور" ثمرة عمل استمر لعقود من البحث العلمي والاستثمار الضخم. لا تقتصر هذه الخنازير على كونها مجرد حيوانات زراعية، بل هي نتاج تعديل جيني دقيق يجعلها مصدراً محتملاً للأعضاء البشرية. يقول رئيس الشركة، ديفيد أياريس: "لقد أنفقنا ملايين الدولارات للوصول إلى هذا الجينوم المعدل لضمان تقبله من قبل الجسم البشري."
في عام 2021، بدأت التجارب على أعضاء خنازير معدلة وراثياً، وقد أُجريت أولى هذه العمليات على مرضى متوفين دماغياً قبل أن يتم تنفيذها على مرضى يعانون من أمراض خطيرة. على الرغم من أن المرضى لم يعيشوا أكثر من شهرين بعد العملية، فإن نتائج عدم رفض الجسم للأعضاء بشكل فوري أعطت أملاً كبيراً في إمكانية نجاح هذه التقنية مستقبلاً.
في مختبرات "ريفيفيكور"، يعمل فريق من العلماء على تعديل الحمض النووي للخنازير باستخدام تقنية الاستنساخ. تُزال المادة الجينية من بويضات خنازير طبيعية وتُستبدل بخلية معدلة وراثياً. تُزرع هذه البويضات لاحقاً في أرحام خنازير بديلة تنتج خنازير تحمل الجينوم المعدل.
وتنقسم الخنازير إلى مجموعتين:
على الرغم من التقدم العلمي المذهل، يثير هذا النموذج تساؤلات أخلاقية عميقة. تشير عالمة الاجتماع كاترين ريمي إلى التناقض بين "تقارب" الإنسان مع الحيوان عبر نقل الأعضاء، و"تصنيع" هذه الحيوانات كقطع غيار بيولوجية.
من الناحية الاقتصادية، تُقدر تكلفة إنشاء المزارع الصناعية لتربية هذه الخنازير المعدلة بين مليار إلى ملياري دولار لكل مزرعة. وتخطط شركة "يونايتد ثيرابيوتيكس"، الشركة الأم لـ"ريفيفيكور"، لتسعير الكلية المعدلة بحوالي مليون دولار، وهو مبلغ يقارب تكلفة غسيل الكلى لعشر سنوات في الولايات المتحدة.
تأمل "ريفيفيكور" أن تبدأ أولى الدراسات السريرية بحلول عام 2025، بهدف الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) وبدء بيع الأعضاء المعدلة بحلول عام 2029. إذا نجحت هذه الجهود، فإنها قد تُحدث تحولاً جذرياً في الطب وتقدم حلاً مستداماً لمشكلة نقص الأعضاء البشرية.
في النهاية، قد تكون هذه التقنية نقطة تحول تضع حداً لمعاناة الآلاف من المرضى الذين ينتظرون عمليات الزرع. لكن يبقى السؤال: هل نحن مستعدون لتقبل هذا التحول الجذري في مفهوم الحياة والإنسانية؟
Powered By Dr.Marwan Mustafa