مجلة العلوم والتكنولوجيا
"نسخة الموبايل"
الرئيسية نسخة الكمبيوتر
مكيافيلي وكتابه الأمير
2024-12-20  

 

"الغاية تبرر الوسيلة"، تلك المقولة الشهيرة عبر التاريخ، والتي قد لا يعلم الكثير من هو قائلها. والتي صاغها الفيلسوف والسياسي الإيطالي نيكولو مكيافيلي، والتي التي تُعد تجسيداً لفلسفته البراغماتية والواقعية في الحكم. تلك العبارة التي أثارت جدلاً واسعاً عبر العصور تعكس جوهر أفكاره في كتابه الأشهر "الأمير"، حيث قدم فيه رؤية غير تقليدية عن السلطة وكيفية اكتسابها والحفاظ عليها. 

مكيافيلي لم يكن مجرد كاتب أو منظّر، بل كان شاهداً على عصر مضطرب مليء بالصراعات السياسية والدينية، مما جعله يدرك أن النجاح في السياسة لا يعتمد فقط على الأخلاق والمبادئ، بل على القوة والدهاء والقدرة على التكيف مع الظروف. في هذا المقال، سنستعرض حياة مكيافيلي وأبرز أفكاره ونصائحه للساسة، مع التركيز على مقولاته المؤثرة التي تركت بصمتها في الفكر السياسي الحديث.

 


السياق التاريخي
وُلد نيكولا مكيافيلي (Niccolò Machiavelli) في فلورنسا بإيطاليا عام 1469، في فترة كانت تشهد اضطرابات سياسية شديدة، حيث تنافست القوى الأوروبية والإيطالية على النفوذ والسلطة. عمل مكيافيلي في الدبلوماسية والسياسة لفترة طويلة، مما أتاح له فرصة مراقبة سلوك الحكام عن قرب.

عندما فقد وظيفته بعد انقلاب سياسي، كتب "الأمير" كدليل عملي للحكام، وخصصه إلى لورينزو دي ميديشي على أمل استعادة مكانته السياسية. يُعد مكيافيلي واحداً من أبرز المفكرين السياسيين في عصر النهضة الأوروبية، حيث ارتبط اسمه غالباً بفكرة البراغماتية السياسية وفن الحكم الواقعي.

 


كتاب الأمير: محتوى وأفكار رئيسية

يُعتبر كتابه "الأمير" (Il Principe) الذي كُتب في عام 1513 من أعظم الأعمال في الفلسفة السياسية، إذ جمع فيه مكيافيلي خلاصة أفكاره حول كيفية تحقيق السلطة والحفاظ عليها. وهو يُعد بمثابة دليل لكثير من الساسة يهدف إلى مساعدتهم على البقاء في السلطة.

يتناول الكتاب مجموعة من النصائح التي تعتمد على تحليل دقيق للطبيعة البشرية وسلوكيات الحكم. ينقسم الكتاب إلى 26 فصلاً، تتناول موضوعات مثل:

  1. أنواع الحكم: يميز مكيافيلي بين الحكم الوراثي والحكم الجديد، موضحاً أن الحكم الجديد أصعب في الحفاظ عليه بسبب الحاجة إلى اكتساب ولاء الشعب.
  2. استخدام القوة والخداع: يشدد مكيافيلي على أن الحاكم يجب أن يكون قوياً كالأُسد وماكراً كالثعلب ليتمكن من الحفاظ على سلطته.
  3. أهمية الجيش: يرى مكيافيلي أن الجيش القوي هو أساس الحكم الناجح، ويُفضل الجيوش المحلية على المرتزقة.
  4. الفضائل السياسية: يؤكد مكيافيلي أن الحاكم لا يحتاج إلى الالتزام بالفضائل التقليدية مثل الصدق والرحمة، بل يجب أن يتصرف وفق ما تمليه المصلحة السياسية.
  5. العلاقة مع الشعب: يرى مكيافيلي أن كسب حب الشعب أمر مهم، لكنه يعتبر أن الخوف أكثر أماناً من الحب لضمان الطاعة.

 


أهم أقوال مكيافيلي في كتاب الأمير

  1. "من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك، إذا لم تستطع تحقيق الاثنين معاً."
  2. "الغاية تبرر الوسيلة."
  3. "يجب أن يكون الحاكم ثعلباً ليتجنب الفخاخ، وأسداً ليرهب الذئاب."
  4. "الناس أسرع إلى نسيان موت أبيهم من نسيان فقدان إرثهم."
  5. "من يسعى دائماً ليكون محبوباً سيجد نفسه عاجزاً عن الحكم."
  6. "الرجال يميلون إلى نكران الجميل عندما تتغير الظروف."
  7. "الحاكم الذي يعتمد فقط على الحظ يهلك عندما يتغير الحظ."
  8. "الحروب تصنع الرجال، والرجال يصنعون السلام، والسلام يضعف الرجال."
  9. "الإنسان بطبعه ناكر للجميل، متغير، مرائي، متجنب للأخطار، وجشع للربح."
  10. "الشعب أكثر إخلاصاً للحاكم عندما يكون ضعيفاً، وأقل إخلاصاً عندما يكون قوياً."
  11. "من يريد النجاح يجب أن يستعد لتحمل العواقب."
  12. "إذا أردت أن تنتقم من شخص، فعليك إما أن تدمره تماماً أو أن تتركه دون أذى، لأن الإصابات البسيطة تجعل الإنسان يرغب في الانتقام، أما الأذى الكامل فإنه يقتل هذه الرغبة."
  13. "يمكنك أن تغلب الرجال بالقوة أو بالخداع، أما من يعجز عن استخدام الاثنين فسيجد نفسه في خطر دائم."
  14. "لا يمكن للحاكم أن يكون محايداً بين أصدقائه وأعدائه."
  15. "الأمور العظيمة لا تتحقق إلا بالقوة والمكر معاً."
  16. "الحاكم الحكيم لا يمكنه الالتزام دائماً بوعده إذا كانت الظروف قد تغيرت."
  17. "على الحاكم ألا يخشى الاتهام بالقسوة إذا كان ذلك يحفظ النظام."
  18. "كل الحروب عادلة بالنسبة لأولئك الذين لا يمكن تجنبها."
  19. "الحروب لا يمكن تجنبها، ولكن يمكن تأجيلها لصالح الطرف الآخر."
  20. "يمكن أن تُقهر المدن أو الرجال إما بالإحسان أو بالقوة، أما الحلول الوسطى فلا تدوم طويلاً."
  21. "الرجال يحبون أن يحققوا مصالحهم، ويخشون أي تهديد ضد أمنهم."
  22. "من السهل خداع الناس، لكن من الصعب الحفاظ على ولائهم بعد انكشاف الخداع."
  23. "الناس يترددون في مهاجمة من يخشونه، لكنهم يسارعون إلى إيذاء من يحبونه إذا كانت الفرصة سانحة."
  24. "الحاكم الذي يتجنب التورط في المؤامرات ويستند إلى دعم شعبه، قلما يخشى من الرجال أو الأعداء."
  25. "القوة الحقيقية ليست في الألقاب أو المناصب، بل في القدرة على التحكم في قلوب وعقول الرجال."
  26. "الرجل الحكيم يخلق لنفسه فرصاً أكثر من تلك التي تأتيه بالصدفة."
  27. "من أراد أن يُطاع فعليه أن يعرف كيف يأمر."
  28. "إذا كان لا مفر من أذية أحد، فلتؤذه بقسوة تجعلك لا تخاف من انتقامه."
  29. "الرجال بسطاء جداً، والكثير منهم يميل للانصياع لاحتياجاته الفورية، والمخادع لن يفتقر لضحايا لاحتياله."
  30. "من الضروري بالنسبة للذي يضع مخططاً لدولة وقوانين، أن يفترض أن جميع الرجال أشرار، وأنهم دائماً يتصرفون وفقاً لروحهم الشريرة إذا كان المجال مفتوحاً."
  31. "من يحسب أن الإحسان الحديث يمحو أثر الإساءة السالفة من نفوس العظماء، فقد أخطأ."
  32. "أول طرق تقدير ذكاء الحاكم أن تنظر لمن يحيطون به."

 


تحليل كتاب الأمير

"الأمير" ليس مجرد كتاب يقدم نصائح للحكام، بل هو انعكاس للظروف السياسية والاجتماعية لعصر مكيافيلي. قد يبدو الكتاب قاسياً في طروحاته، لكن مكيافيلي كان يهدف إلى تقديم رؤية واقعية للحكم بعيداً عن المثالية.

النقد والتأثير
تعرض مكيافيلي لانتقادات شديدة من الكنيسة والكُتّاب الأخلاقيين، حيث اعتُبر كتابه داعماً للاستبداد والخداع. مع ذلك أثّر "الأمير" على الفكر السياسي الحديث، حيث استخدم كمرجع للحكام والسياسيين لفهم طبيعة السلطة.

 


الخاتمة

يبقى مكيافيلي شخصية مثيرة للجدل، إذ يُنظر إليه على أنه مؤسس السياسة الواقعية، وصاحب نظرة عميقة للطبيعة البشرية. يعد "الأمير" كتاباً خالداً يطرح أسئلة جوهرية حول الحكم والأخلاق والسلطة، مما يجعله مرجعاً لا غنى عنه لأي مهتم بالفكر السياسي.

 

 

 


التعليقات  لا يوجد تعليقات
إضافة تعليق
     
الأسم  
البريد الإلكتروني  
التعليق  
الرئيسية
البحث والأرشيف
أقسام الموقع
الأكثر قراءة
القرأن الكريم
راديو
مكتبة الفيديو
مكتبة اليوتيوب
مكتبة الصوتيات
محول التاريخ الهجري
حاسبة العمر
صورة اليوم
من نحن
إتصل بنا
تابعنا