عندما قام الكاتب البريطاني بيتر جيمس بإصدار روايته "Host" كأول كتاب إلكتروني في عام 1993، من خلال نشر جزئين منها على قرصين مرنين (Floppy Disk)، شهدت الصحف البريطانية في ذلك الوقت هجوماً عنيفاً. ووفقاً لتصريحاته، كانت نسبة 99% من التقييمات سلبية تجاه هذا الحدث الجديد. ولكن بعد مرور عامين على إصدار النسخة الرقمية للرواية، ألقى جيمس كلمة في جلسة نقاش حول مستقبل الرواية في جامعة كاليفورنيا بحضور ستيف جوبس، قائلاً: "سبق وأن قلت إن الكتب الإلكترونية ستصبح منتشرة عندما تصبح مناسبة للقراءة بشكلٍ أوسع من الكتب المطبوعة، وكانت ردود الفعل السلبية على روايتي حينها مذهلة." واليوم، ندرك جميعاً أن هذا الرؤيا أصبحت حقيقة، وأننا لم نعد مقيدين بالقراءة الورقية كما كان الحال في السابق.
في نوفمبر عام 2007، قامت شركة أمازون بإصدار أول قارئ إلكتروني يعرف بـ Kindle، وفي غضون ساعات قليلة تم بيع كميات كبيرة من هذا الجهاز. من ثم، انتشرت أجهزة القراءة الإلكترونية واجتاحت الأسواق. ومع ذلك، يظل السؤال حول تأثير هذه الأجهزة على عقولنا أثناء القراءة.
قام كل من مانوش زمردي ومايك روزنوالد بدراسة تأثيرات القراءة على الشاشة مقابل القراءة من الكتب الورقية. وقد توصلوا إلى أن عندما يستخدم الشخص الأجهزة اللوحية الإلكترونية للقراءة، يكون عقله ينقلب بين الصفحات بسرعة ولا يتمكن دائماً من الاستقرار، مما يجعل القراءة تبدو وكأنها موجزة مثل تصفح وسائل التواصل الاجتماعي. بالمقابل، عندما يقرأ الشخص من كتاب ورقي، يكون أكثر عُرضةً للقراءة التتابعية من الصفحة الأولى وحتى النهاية. وهذا ما يعرف بالقراءة الخطية، وهي أحد أشكال القراءة العميقة التي تفيد القارئ بشكلٍ أفضل من القراءة غير الخطية التي يقوم بها على الأجهزة الإلكترونية.
مقارنة:
1. تأثيرات القراءة الإلكترونية على الصحة البدنية: دراسات أجريت أيضاً حول تأثيرات القراءة الإلكترونية على الصحة البدنية. وجدت بعض الأبحاث أن الاستخدام المكثف للأجهزة الإلكترونية في القراءة يمكن أن يزيد من إجهاد العيون ويؤدي إلى مشاكل في النوم بسبب التعرض لضوء الشاشة المنبعث من هذه الأجهزة.
2. تفضيل القراءة الورقية لبعض الأشخاص: على الرغم من التقدم التكنولوجي وزيادة استخدام الأجهزة الإلكترونية للقراءة، إلا أن هناك العديد من الأشخاص الذين يفضلون القراءة الورقية. يشعر بعض الأفراد بأنهم يستمتعون بتجربة القراءة أكثر عندما يمسكون بكتاب ورقي ويشعرون بالأوراق بين أيديهم.
3. ميزات الكتب الإلكترونية: يمكن أن تقدم الكتب الإلكترونية ميزات إضافية مثل إمكانية البحث السريع، وإمكانية تغيير حجم الخط، وإضافة العلامات والملاحظات بسهولة. هذه الميزات يمكن أن تكون مفيدة للأشخاص الذين يبحثون عن طرق لتحسين تجربتهم في القراءة.
4. تأثير الوسائط المتعددة: الكتب الإلكترونية يمكن أن تدمج الوسائط المتعددة مثل الصور والفيديو والصوت، مما يجعلها ملائمة لأنواع مختلفة من المحتوى مثل الكتب التعليمية والكتب الخاصة بالرحلات والأدلة.
5. انتشار القراءة الصوتية: بجانب القراءة الورقية والقراءة الإلكترونية، أصبحت القراءة الصوتية (Audiobooks) شائعة أيضاً. يمكن للأشخاص الاستماع إلى الكتب بدلاً من قراءتها، وهذا يوفر تجربة مختلفة تماماً للاستماع إلى الروايات والمعلومات.
في النهاية، يعتمد تأثير القراءة على الفرد وتفضيلاته الشخصية. بينما تقدم الكتب الورقية تجربة تقليدية وتفاعلية مع النص، توفر الكتب الإلكترونية وسائل جديدة للتفاعل مع المحتوى وتحقيق أهداف القراءة بشكل مختلف.