بعد مرور قرون على وفاته، لا تزال قصة كريستوفر كولومبوس تجذب الكثير من الاهتمام، ليس فقط لدوره التاريخي في اكتشاف العالم الجديد، بل أيضاً لما يتعلق بمصير رفاته وأصوله الحقيقية.
خلال السنوات الأخيرة، خضع رفات كولومبوس لسلسلة من التحليلات واختبارات الحمض النووي التي قادها عالم الطب الشرعي خوسيه أنطونيو لورينتي. في دراسة جديدة أظهرت نتائج قاطعة بأن الرفات المدفونة في كاتدرائية إشبيلية هي بالفعل رفات كولومبوس. وجاءت هذه الاستنتاجات بعد مقارنة عينات الحمض النووي المستخرجة من الرفات بعينات أخرى مأخوذة من شقيق كولومبوس دييغو وابنه فرناندو.
هذا الاكتشاف أكد، بشكل نهائي، ما كان موضوع جدل طويل حول مصير رفات كولومبوس، لكنه فتح الباب أمام سؤال آخر مثير للاهتمام يتعلق بأصل المستكشف نفسه. لورينتي صرح في عام 2021 بأنه يعتقد بأن كولومبوس كان من مدينة جنوة الإيطالية، ومع ذلك، تظل هذه النظرية موضع نقاش بين العلماء والباحثين. وتُعد هذه المسألة محوراً لبرنامج تلفزيوني بعنوان "حمض كولومبوس النووي: أصله الحقيقي"، المقرر عرضه في 12 أكتوبر، وهو اليوم الذي تحتفل فيه إسبانيا بذكرى وصول كولومبوس إلى العالم الجديد.
على مر السنين، ظهرت العديد من النظريات حول أصول كولومبوس، التي شملت دولاً مثل إيطاليا، البرتغال، فرنسا، وحتى السويد والنرويج. لكن يبدو أن نتائج البحث العلمي الحديث قد تضع حداً لهذه التكهنات، حيث وبحسب وكالة «رويترز» للأنباء فقد قارن الباحثون هذه الجينات بتلك الخاصة بأقارب وأحفاد معروفين لكولومبوس، وأعلنوا عن نتائجهم في فيلم وثائقي بعنوان «حمض كولومبوس النووي: الأصل الحقيقي» أُذيع على قناة «تي في إي» الإسبانية الوطنية، يوم السبت.
وقال لورينتي في الفيلم: «لدينا حمض نووي من كريستوفر كولومبوس، جزئي للغاية لكنه كافٍ. ولدينا حمض نووي من ابنه هيرناندو كولون».
وأضاف: «في كل من الكروموسوم Y (الذكر)، والحمض النووي للميتوكوندريا (الذي تنقله الأم) لهيرناندو، توجد سمات متوافقة مع الأصل اليهودي».
وأكد لورينتي أنه، بعد تحليل 25 مكاناً محتملاً، فقد ثبت أن كولومبوس وُلِد في أوروبا الغربية، وأنه «كان سفارديا»، التي تعني إسبانياً باللغة العبرية.
وعاش نحو 300 ألف يهودي في إسبانيا قبل أن يأمر «الملكان الكاثوليكيان» إيزابيلا وفرديناند اليهود والمسلمين بالتحول إلى العقيدة الكاثوليكية أو مغادرة البلاد. وحينها استقر كثير منهم في مختلف أنحاء العالم.
وتُوفّي كولومبوس في مدينة فالادوليد بإسبانيا (Valladolid) عام 1506، لكنه رغب في أن يُدفن بجزيرة هيسبانيولا التي تتقاسمها اليوم جمهوريتا الدومينيكان وهايتي. وتم نقل رفاته إلى هناك في عام 1542، ثم تم نقلها إلى كوبا في عام 1795، وبعد ذلك إلى إشبيلية في عام 1898، كما كان يُعتقد لفترة طويلة في إسبانيا.
وفي عام 1877، عثر العمال على نعش من الرصاص مدفوناً خلف المذبح في كاتدرائية بسانتو دومينغو، عاصمة جمهورية الدومينيكان، يحتوي على مجموعة من شظايا العظام التي تقول البلاد إنها تنتمي إلى كولومبوس.
وقال لورينتي إن كلا الادعاءين قد يكون صحيحاً، لأن مجموعتَي العظام غير مكتملتين.