اعتباراً من سبتمبر الجاري 2024، أطلقت مدرسة ديفيد غيم "David Game" في المملكة المتحدة برنامجاً تعليمياً ثورياً لطلاب الشهادة الثانوية يحمل اسم "سيبر وينغ" (Sabrewing). يعد هذا البرنامج الأول من نوعه الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتدريس جميع المواد الأساسية بشكل كامل، مما يعيد تعريف التعليم التقليدي ويمهد الطريق لمستقبل جديد يركز بشكل كامل على احتياجات الطالب الفردية.
التعليم المتمركز حول الطالب: تجربة جديدة
يمثل برنامج "سيبر وينغ" تحولاً جذرياً في نهج التعليم، حيث لن يكون هناك معلمون في الفصول الدراسية. بدلاً من ذلك، سيعمل الطلاب وفقاً لمسارات تعلم مخصصة لكل منهم، مما يتيح لهم التحكم الكامل في وتيرة تقدمهم الأكاديمي. وبهذا يمكن للطلاب تجنب التحديات التقليدية المرتبطة بتسريع أو إبطاء التعلم لمواكبة زملائهم، حيث سيحصل كل طالب على دعم فردي من مدربين متخصصين يراقبون تقدمه عن كثب.
تقنيات متقدمة لخدمة التعليم
يعتمد البرنامج على مزيج من منصات الذكاء الاصطناعي ونظارات الواقع الافتراضي لتقديم تجربة تعليمية فريدة. ويكمن السر في قدرة النظام على تقييم أداء الطلاب في جميع المواد، ومن ثم إنشاء مسارات تعلم شخصية بناءً على الفجوات المعرفية ومجالات الإتقان لكل طالب. هذه المقاربة تضمن أن يحصل الطالب على الدعم اللازم، وأن يأخذ الوقت الكافي لإتقان كل موضوع قبل الانتقال إلى مواضيع جديدة.
دور المدربين في الفصول الدراسية
ورغم أن الطلاب لن يكونوا تحت إشراف مباشر من معلمين تقليديين، إلا أن البرنامج يتضمن وجود ثلاثة مدربين تعليميين في كل مجموعة لضمان مراقبة سلوك الطلاب وتقديم الدعم اللازم عند الحاجة. هذا النهج المزدوج يضمن أن يتمتع الطلاب بحرية التعلم الذاتي وفي نفس الوقت يحصلون على الإرشاد والتوجيه اللازم.
الذكاء الاصطناعي: هل هو البديل المثالي؟
يشير جون دالتون، نائب مدير المدرسة، إلى أن هناك العديد من المعلمين المتميزين، ولكن الذكاء الاصطناعي يتيح مستوى دقة وضبط غير مسبوق. وأضاف أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على تحديد ومعالجة نقاط الضعف التعليمية لدى الطلاب بشكل أكثر فعالية من الإنسان. يؤيد هذه الرؤية جوزيف، أحد الطلاب الذين اختبروا النظام، حيث قال إن الذكاء الاصطناعي يمكنه كشف العيوب التعليمية الفردية ومعالجتها بشكل أفضل من المعلمين التقليديين.
تحديات وتطلعات
ورغم التفاؤل الكبير حول هذا البرنامج، هناك من يرى أنه يتجاوز الحد في اعتماد الذكاء الاصطناعي. كريس ماكجفرن، مدير مدرسة متقاعد ومدير حملة التعليم الحقيقي، يرى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دوراً مهماً في الفصول الدراسية، لكنه يحذر من الاعتماد الكامل عليه دون توازن مع دور المعلمين البشريين.
ختاماً
يمثل برنامج "سيبر وينغ" خطوة كبيرة نحو المستقبل في مجال التعليم. فهو يجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والتعليم المتمركز حول الطالب، مما يوفر تجربة تعليمية أكثر تخصيصاً وفعالية. ولكن يبقى السؤال: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل تماماً محل المعلمين التقليديين؟ أم أن التوازن بين التكنولوجيا والبشرية هو الحل الأمثل لمستقبل التعليم؟