كشفت دراسة حديثة من جامعة رادبود الهولندية عن جوانب غير متوقعة للتفكير المكثف، حيث تشير النتائج إلى أن الجهد العقلي قد يأتي بتكلفة نفسية. وعلى الرغم من أن الثقافة اليومية تشجع على التفكير العميق كوسيلة لتحقيق الإنجازات، إلا أن البحث الجديد ينبهنا إلى أن هذا النوع من النشاط الذهني غالباً ما يرتبط بمشاعر سلبية مثل الإحباط والتوتر.
التفكير المكثف وثمنه النفسي
الدراسة التي نشرت في مجلة "سيكولوجيكال بوليتن" جمعت بيانات من 170 دراسة سابقة، شملت 4670 مشاركاً من 29 دولة، وأظهرت بوضوح أن الأنشطة العقلية، مهما كانت متنوعة، تزيد من المشاعر غير المريحة. على الرغم من أن البعض يعتقد أن المشاركة في مثل هذه الأنشطة تأتي برغبة شخصية، إلا أن الباحثين أكدوا أن هذا لا يعني بالضرورة الاستمتاع بها.
الجهد العقلي والمشاعر السلبية
ركزت الدراسة على مشاعر المشاركين أثناء أداء مهام عقلية مختلفة، مثل تعلم مهارات جديدة أو حل مسائل معقدة، ووجدت أن هذه الأنشطة غالباً ما تزيد من مستويات الإحباط والتوتر. كما أشار الباحثون إلى أهمية تصميم المهام بطرق تدعم المستخدمين وتمنحهم حوافز ملموسة لتحفيزهم، مما يضمن استمراريتهم في مواجهة التحديات الذهنية.
مفارقة الجهد وتأثير الثقافات
إحدى النقاط المثيرة التي ناقشتها الدراسة هي "مفارقة الجهد"، حيث يختار الناس أحياناً الأنشطة الذهنية الصعبة بسبب المكافآت التي قد تأتي معها. وعلى الرغم من أن هذه المشاعر السلبية كانت أقل وضوحاً في الثقافات الآسيوية، إلا أن البحث يشير إلى أن الدافع الجوهري، الذي يتكون من خلال تجارب سابقة تتضمن مكافآت، يلعب دوراً كبيراً في تفضيل الأنشطة العقلية الشاقة.
دراسات سابقة، مثل تلك التي أجرتها جامعتا فيينا النمساوية ودريسدن الألمانية التقنية في عام 2022، تدعم هذه النتائج، حيث وجدت أن المكافآت الممنوحة في سياق الجهد العقلي قد تخلق دافعاً داخلياً يجعل الأشخاص يختارون التحديات حتى في غياب المكافآت المادية. هذا يشير إلى أن التفكير العميق والجهد العقلي، رغم ما يتضمنه من ضغوط، قد يكون محركاً قوياً للدافع الشخصي عندما يقترن بالمكافآت المناسبة.