فاز عملاق الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي "ChatGPT" بشعبية واسعة منذ ظهوره الأول بفضل قدراته المتميزة في توليد النصوص استجابةً لعدد قليل من الأسئلة، بالإضافة إلى سرعة استجابته التي توحي وكأنك تتحدث مع شخص حقيقي. ولكن، رغم هذه المزايا، يعتقد بعض المستخدمين أن "شات جي بي تي" هو نموذج ذكاء اصطناعي متكامل بدون أي نقاط ضعف، وهو ما يتضح أنه غير صحيح. إذ يعاني النموذج من عدة أوجه قصور، نذكر منها ما يلي:
1. افتقار الحس السليم
رغم أن "شات جي بي تي" يتمتع بوصول واسع إلى معلومات متنوعة عبر الإنترنت، فإن ذلك لا يضمن صحة جميع إجاباته. يعتمد النموذج على قواعد بيانات الإنترنت المفتوحة لجمع المعلومات، مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى مزج المعلومات بشكل غير دقيق. وعلى الرغم من أن "أوبن إيه آي" عملت على تحسين هذه النقطة في الإصدارات الأحدث، إلا أن النتائج لا تكون دائماً موثوقة، خاصة في المجالات التي تتطلب خبراء، مثل المعلومات الطبية أو السياسية الحديثة.
2. قيود في التعامل مع مهام متعددة
يمكن لـ "شات جي بي تي" معالجة عدة مهام في رسالة واحدة، ولكن النتائج غالباً ما تقتصر على المهمة الأولى فقط. كلما زاد تعقيد الأسئلة أو تعدد المهام، قد تكون النتائج أقل دقة. للتغلب على هذه المشكلة، يمكن تقسيم المهام المعقدة إلى أجزاء أصغر، مما يساعد النموذج على التعامل معها بشكل أفضل.
3. إجابات عنصرية أو منحازة
يعتمد "شات جي بي تي" على المعلومات المتاحة على الإنترنت، مما قد يؤدي إلى ظهور إجابات تحتوي على تمييز أو تحيز. النموذج لا يكوّن آراء مستقلة، بل يستند إلى المعلومات السائدة على الشبكة، التي قد تكون منحازة أو غير دقيقة.
4. وصول محدود إلى المعلومات الحديثة
تفتقر خوارزميات "شات جي بي تي" إلى القدرة على الوصول إلى معلومات جديدة بشكل مباشر، مما يجعله غير قادر على تقديم تفاصيل حول أحداث حديثة مثل نتائج المباريات التي حدثت مؤخراً. المعلومات التي يستخدمها النموذج قديمة ولا تتجاوز تاريخ أبريل 2024، ما يؤثر على دقة المعلومات المقدمة.
5. افتقار الحس الإبداعي
رغم أن "شات جي بي تي" قادر على توليد محتوى يبدو إبداعياً، فإن هذا الإبداع يقتصر على تكرار الأنماط السابقة. مع تكرار المهام، تبدأ الإجابات في التكرار، حيث يفتقر النموذج إلى القدرة على الابتكار أو تقديم أفكار جديدة في كل مرة يتم توجيه سؤال مشابه له.
أسباب القصور
بدأت "أوبن إيه آي" كمبادرة غير ربحية تعتمد على التبرعات لتطوير أنظمتها. ولكن بعد فترة، انتقلت إلى الربحية تحت قيادة سام ألتمان، وبدأت في بيع نموذج "شات جي بي تي" وتقديم نسخ مدفوعة. هذه الخطوة لم تكن سهلة، إذ يتطلب تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي وصيانتها استثمارات ضخمة في الخوادم والتقنيات المتقدمة. وقد واجهت "أوبن إيه آي" تحديات في تحسين قدرات النموذج بسبب الضغط الكبير على خوادمها، وهو ما استدعى دعماً كبيراً من شركات مثل "مايكروسوفت".
في المقابل، بدأت شركات مثل "آنثروبيك" و"غوغل" في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي مدفوعة منذ البداية، مثل "كلود 3" و"جيمناي"، التي تقدم نتائج دقيقة وإبداعية بفضل استثماراتها الكبيرة في الخوادم والتقنيات الحديثة. ورغم جهود "أوبن إيه آي" للتغلب على أوجه القصور، إلا أن هناك تحديات مالية وتقنية كبيرة تواجهها في منافسة الشركات التي بدأت في السوق بشكل مربح منذ البداية.