أحدثت تقنية ديب سيك "DeepSeek" ضجة كبيرة في الأوساط العالمية المعنية بالذكاء الاصطناعي والأعمال، حيث تباينت الآراء حول جودتها ودقة نتائجها. ومع ذلك، لفتت انتباه "أوبن إيه آي" المالكة للذكاء الاصطناعي الأشهر "ChatGpt" بالتعاون مع شريكها التقني والمستثمر الرئيسي "مايكروسوفت" إلى جانب مظلم في هذه التقنية الجديدة، حيث يُشتبه في قيامها بسرقة تقنيات "أوبن إيه آي" واستخدام "شات جي بي تي" لتدريب نموذج "ديب سيك".
رسميًا، لا تزال "أوبن إيه آي" تجري تحقيقاتها للوصول إلى الحقيقة والتأكد من الأمر قبل الإعلان عن النتائج النهائية. ومع ذلك، وفقًا لعدد من المطلعين على الشركة، بما في ذلك ديفيد ساكس، المستشار السابق لإدارة ترامب والمُلقب بـ"قيصر الذكاء الاصطناعي"، فإن "أوبن إيه آي" تمتلك أدلة واضحة على استغلال تقنياتها لتدريب "ديب سيك". لكن هل هذا ممكن فعلاً؟ أم أنها مجرد حملة دعائية مضادة للتقنية الجديدة؟
تأثير "ديب سيك" على أسواق الذكاء الاصطناعي العالمية
ظهرت تقنية "ديب سيك" كصفعة قوية لشركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية، بما في ذلك "شات جي بي تي". فبينما تدعي هذه الشركات أن تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي مكلف للغاية، جاءت شركة صينية ناشئة لتقدم تجربة مماثلة بتكلفة أقل بكثير.
فقد بلغت تكلفة تدريب "ديب سيك" حوالي 5 ملايين دولار فقط، مقارنة بمئات المليارات من الدولارات التي تنفقها "أوبن إيه آي". هذا الانخفاض في التكلفة مكّن الشركة من تقديم نماذجها بأسعار تنافسية للغاية، مما أثار قلق المستثمرين في شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية.
في السابق، كان المستثمرون يعتقدون أن تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارات ضخمة وكميات هائلة من شرائح "نفيديا". ومع ذلك، بعد ظهور "ديب سيك"، بدأ هذا الاعتقاد يتزعزع، حيث أثبتت الشركة الصينية أنه يمكن تطوير تقنيات تنافسية بتكلفة أقل بكثير. هذا التطور أدى إلى انسحاب العديد من المستثمرين، مما تسبب في انخفاض حاد في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي وخسائر تقدر بتريليون دولار.
كيف يمكن استخدام "شات جي بي تي" لتطوير "ديب سيك"؟
لا يمكن الجزم بأن "ديب سيك" سرقت بيانات أو نماذج "أوبن إيه آي"، ولكن الأدلة الحالية تشير إلى أنها استخدمت تقنيات "أوبن إيه آي" لتدريب نماذجها عبر عملية تُعرف باسم "التقطير"، والتي تسمح للشركات الصغيرة باستخدام النماذج الأكبر والأكثر تطورًا لتدريب نماذجها الخاصة.
تعود هذه الشكوك إلى خريف عام 2024، عندما لاحظت "مايكروسوفت" وجود استهلاك غير عادي للواجهة البرمجية لنماذج "أوبن إيه آي"، والتي تتيح للشركات الخارجية الوصول إلى "شات جي بي تي". ووفقًا للتحقيقات، فإن الحسابات المسؤولة عن استخراج البيانات كانت مرتبطة بفرق سيبرانية صينية، وربما بشركة "ديب سيك".
هذه الطريقة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي شائعة بين الشركات الصينية والناشئة، حيث توفر الوقت والتكلفة المطلوبة للاختبارات البشرية. ومع ذلك، فإن "أوبن إيه آي" تفرض قيودًا على استخدام تقنية "التقطير" لمنع تطوير نماذج تنافسية تعتمد على بياناتها.
ردود الفعل الحكومية
بعد ظهور "ديب سيك"، أصدر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بيانًا حذر فيه الشركات الأمريكية من التهديد الذي تمثله هذه التقنية. وقد عزز هذا الاهتمام موقف الحكومة الأمريكية، التي وضعت "ديب سيك" تحت المجهر.
تشير تصريحات ديفيد ساكس إلى أن الحكومة الأمريكية تنوي اتخاذ إجراءات صارمة ضد "ديب سيك" وأي شركة صينية تستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي الأمريكية بشكل غير قانوني. ومع ذلك، يبدو أن هذه الخطوات تنتظر إعلانًا رسميًا من "أوبن إيه آي"، التي تعمل بشكل وثيق مع الحكومة لمراقبة الوضع.
في الوقت الحالي، تجنبت كل من "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" و"ديب سيك" التعليق رسميًا على هذه القضية، وفقًا لتقارير إعلامية عالمية. ومن المتوقع أن تظهر المزيد من التفاصيل في الأيام القادمة.